أصدرت شركة "الخبير المالية"، المتخصصة في إدارة الأصول والخدمات الاستثمارية، ومقرها جدة، المملكة العربية السعودية، والحاصلة على ترخيص من هيئة السوق المالية السعودية برقم (37-07074) تقريرها حول المستجدات الاقتصادية للربع الثاني 2016، والذي اشتمل على مراجعة للأحداث الرئيسية التي طالت الأسواق الكبرى الإقليمية والعالمية، وقد تناول التقرير أبرز مستجدات أداء القطاعات واتجاهاتها والفرص المحتملة في الأشهر القادمة. كما تطرق إلى تحليل لمستجدات عدد من فئات الأصول في الأسواق المالية العالمية الرئيسية، شملت الأسهم وأدوات الدخل الثابت والعملات والسلع.
وقد أثر قرار المملكة المتحدة بتعليق عضويتها في الاتحاد الأوروبي التي استمرت 43 سنة، سلباً على الأسواق في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من استمرار تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني، فقد ظهرت بوادر استقرار خلال دراسة الحكومة البريطانية الجديدة برئاسة تيريزا ماي، لخياراتها لمرحلة ما بعد الاستفتاء.
وأشار التقرير إلى أن "الفوضى قد اجتاحت الأسواق المالية في الربع الثاني بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى نظرة سوداء للاقتصاد العالمي. وقد فوجئ المستثمرون بهذا القرار والذي بدأت معه فترة يشوبها المزيد من الضبابية في التوقعات الاقتصادية للمملكة المتحدة ومستقبلها السياسي. وتسببت تداعيات التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في لجوء المستثمرين إلى الأصول التي يرون فيها ملاذاً آمناً، والتي منها السندات الحكومية، والين الياباني، والمعادن النفيسة".
أما في الفترة القادمة، فتتوقع الخبير استمرار التقلبات في الأسواق متأثرةً بالجهود التي تبذلها المملكة المتحدة لوضع خطة لخروجها من الاتحاد الأوروبي. وقد سبق أن أعلن عدد من الشركات عن نقل عملياتها من بريطانيا إلى دول أخرى. كما تتوقع الخبير أيضاً أن تتأثر حركة التجارة البريطانية سلباً في المدى القصير إلى المتوسط. وبينما تظهر انعكاسات قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي بدرجة أكبر في الجانب الأوروبي من المحيط الأطلسي، غير أن تراجع الإقبال على الاستثمار وتأجيل الاستثمارات بفعل تلك الانعكاسات سوف يطال على الأرجح الولايات المتحدة ودولاً أخرى ايضاً.
ومن جهة أخرى، ظهرت بوادر إيجابية مع صدور أرقام المعهد الملكي للمساحين المعتمدين التي تشير إلى أن حركة الأسعار يمكن أن تستمر بإيجابية مستفيدةً من النقص الحاد في الوحدات السكنية، على الرغم من الانخفاض في حجم الصفقات العقارية منذ الإعلان عن نتائج الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو. كما انخفض أيضاً عدد مقدمي طلبات إعانات البطالة خلال الشهر السابق، ما يدل على أن سوق العمل قد استوعبت الموجة الأولى من الضبابية وأثبتت بالتالي قدرتها على الصمود في مواجهة العوامل المستجدة.
كما أوضحت الخبير أنه بالإضافة إلى المخاوف التي أحاطت بتأثيرات نتائج الاستفتاء في المملكة المتحدة، تسبب الضعف في تقرير الوظائف في الولايات المتحدة في انحسار توقعات رفع أسعار الفائدة الأمريكية. ولا تزال الاقتصادات الأكبر في العالم تواجه ضغوطًا لتحفيز نمو الأسعار. ففي أوروبا مثلاً، كانت أسعار المستهلكين في منطقة اليورو سلبية قبل أن ترتفع قليلاً في شهر يونيو، بينما لم تنجح جهود اليابان لتحفيز نمو الأسعار فيها.
وعلى مستوى منطقة الخليج العربي، لا تزال الدول الأعضاء في المجلس تواجه تداعيات انخفاض أسعار النفط، وقد بدأت بتنفيذ إصلاحات واتخاذ تدابير جديدة لتنويع مصادر الدخل، منها على سبيل المثال استحداث ضريبة قيمة مضافة في جميع دول المجلس يبدأ العمل بها بحلول العام 2018. كما اشتملت التدابير الأخرى الهادفة إلى سد العجز في الموازنات الخليجية على قيام عدد من دول المجلس بزيادة حجم ديونها السيادية، وبلغت القروض التي حصلت عليها الإمارات وقطر والمملكة العربية السعودية مجتمعةً منذ أواخر أبريل 24 مليار دولار أمريكي.
هذا واجتذبت خطط التنويع في المملكة العربية السعودية، ورؤية المملكة 2030، وخطة التحول الوطني 2020، قدراً كبيراً من الاهتمام مع اتجاه المعنيين إلى تقييم الفرص المتاحة للقطاعين العام والخاص. فيما أعلنت المملكة أيضاً عن فرض ضريبة بنسبة 2.5% على قيمة أي أرض بيضاء، أي على قطع الأراضي السكنية والتجارية غير المطورة الواقعة ضمن حدود النطاق العمراني.
وعلى صعيد آخر، قام البنك الدولي خلال ربع السنة بخفض توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي لسنة 2016 إلى 2.0%، وهو أدنى معدل لها منذ العام 2009، ومقارنةً بمعدل نمو بنسبة 2.9% في العام 2015. ولكن على الرغم من ذلك، من المرجح أن تؤدي الإصلاحات التي بدأت دول الخليج بتنفيذها إلى مساعدة هذه الاقتصادات على إعادة تكييف استراتيجياتها وتقليص اعتمادها على المنتجات الهيدروكربونية. وقد أدت الزيادة في حجم المديونية وتراجع الإيرادات النفطية إلى دفع العديد من وكالات التصنيف الائتماني لخفض نظرتها ودرجة تصنيفها للكثير من دول مجلس التعاون الخليجي.
كما أشارت "الخبير المالية" في تحليلها لفئات الأصول المختلفة أنه بينما حققت أسواق الأسهم العالمية تحسناً ملحوظاً في بداية ربع السنة، فإنه سرعان ما تبددت مكاسبها هذه ليصبح أداؤها سلبياً قبل حلول نهاية الربع الثاني من السنة، في أعقاب الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في حين قام المستثمرون بخفض استثماراتهم في الأصول الأكثر مخاطرة وأقبلوا على الاستثمار في الأصول الآمنة، ما تسبب في خروج رؤوس أموال كبيرة من أسواق الأسهم.
إلى جانب ذلك، أنهت البورصات الخليجية خلال ربع السنة بأداء متفاوت في ضوء دراسة المستثمرين لتأثير ارتفاع أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة على أداء الشركات. وكانت أسواق الأسهم في المملكة العربية السعودية والكويت وسلطنة عمان وأبوظبي قد أنهت ربع السنة بأداء إيجابي، بينما شهدت مؤشرات قطر والبحرين ودبي أداءً سلبياً. وكما هو الحال في أسواق الأسهم العالمية الأخرى، شهدت البورصات الخليجية إقبالاً كبيراً على البيع في أواخر ربع السنة، في أعقاب الاستفتاء البريطاني مباشرةً.
وفي المقابل، شهدت أسواق السندات السيادية حول العالم ارتفاعاً خلال الربع الثاني 2016، مستفيدةً من التراجع الحاد فيالعوائد على أدوات الدخل الثابت في اقتصادات الدول المتقدمة وضعف النظرة الاقتصادية العالمية. وبالإضافة إلى التراجع الحاد في العوائد في منطقة اليورو بعد الاستفتاء البريطاني، تأثرت سندات الخزينة الأمريكية أيضاً بشكل كبير بالمنهجية التي اعتمدها الاحتياطي الفدرالي الأمريكي في الفترة الأخيرة، مع التحول الملحوظ في منحنى العائد إلى الانخفاض مقارنةً بما كان عليه في بداية السنة. وبعد صدور أرقام سوق العمل المخيبة للتوقعات في شهر مايو، قام الاحتياطي الفدرالي بإيقاف رفع أسعار الفائدة كما كان متوقعاً على صعيد واسع. غير أن تفاصيل التصريح الذي أعلنه الاحتياطي الفدرالي كانت مفاجئة للأسواق حيث يتوقع الآن ستة من مسؤوليه رفع سعر الفائدة مرة واحدة في العام 2016، بعد أن كان مسؤول واحد فقط يتوقع ذلك في شهر مارس 2016.
وترى "الخبير المالية" أن أسواق العملات تعتبر من بين فئات الأصول الأكثر تقلباً بعد الاستفتاء البريطاني، مع الانخفاض الحاد في سعر صرف الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار الأمريكي منذ العام 1985، بعد أن كان الدولار قد تعرض لضغوط بيع كبيرة في الفترة التي سبقت الاستفتاء، ثم عاد ليشهد انتعاشاً حاداً مستفيداً من نتيجة الاستفتاء. ومن جانب آخر، أظهر اليورو قدرة كبيرة على الصمود أمام الدولار الأمريكي هذه السنة على الرغم من سياسة الفائدة السلبية التي اعتمدها البنك المركزي الأوروبي وارتفاع حجم مشتريات الأصول.
أما على صعيد السلع، فقد ظهرت بوادر انتعاش طفيف حيث أنهت أسعار النفط النصف الأول من السنة عند مستوى أقل بقليل من 50 دولار أمريكي للبرميل. وقد ارتفعت أسعار النفط بعد أن أدت أحداث العنف في نيجيريا إلى تراجع الإنتاج النفطي النيجيري إلى أدنى مستوياته في حوالي ثلاثة عقود، إلى جانب حرائق الغابات في منطقة حقول النفط في كندا، والتي نتج عنها انخفاض إنتاج النفط الخام بمعدل 1.5 مليون برميل في اليوم تقريباً. وكانت منظمة أوبك قد قررت في اجتماعها الأخير عدم الالتزام بسقف جديد للإنتاج، مع أن الأعضاء أعربوا عن تفاؤلهم بتحسن السوق النفطية. غير أن "الخبير المالية" لا تزال تتعامل بحذر مع عودة الإنتاج النفطي إلى السوق وتراجع الطلب نتيجة الضبابية السائدة بعد الاستفتاء البريطاني، والتي تشكل جميعها عواملاً يمكن أن تحد من الارتفاع في أسعار النفط.