تشرق المملكة ببزوغ فجر يوم وطني جديد بهيج مختلف جذرياً في كل المقاييس والمعايير والمفاهيم عن الأعوام السابقة، مرتكزاً على فلسفة جديدة مفادها تغيير مفهوم اعتماد البلاد في دخلها على النفط ضمن رؤية عصرية جديدة استهدفت صياغة هيكلة جديدة لاقتصاد وطني قوي متين راسخ متعدد الموارد والمداخيل مرتكزا بثقل على وثيقة تحول استراتيجي وطني 2020 مرتبطة بحزم وثيق بأهداف الرؤية 2030، أثمرت أولى بوادرها عن إعلان أكبر تحالف نفطي بتروكيماوي في تاريخ العالم الصناعي بين شركتي أرامكو السعودية و"سابك" في بناء مجمع تحويل النفط إلى بتروكيماويات بحجم استثمارات تقدر بنحو 112 مليار ريال ما يعادل نحو 30 بليون دولار وتوفير حوالي 100 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة.
وتلك الخطط أتت منذ أن تولى خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في يناير 2015 حيث بادر يحفظه الله بحراك سياسي واقتصادي وصناعي وفق أسس ومرتكزات تهدف نقل المملكة إلى عالم ارحب من الشموخ والهيمنة وسط عالم يعج بالتقلبات والنكسات الحادة.
إعادة هيكلة الدولة
وتمثل هذا الحراك الضخم في إعادة هيكلة الدولة بدأت بصدور الأوامر الملكية التي ألغت 12 مجلساً ولجنة وتم انشاء مجلسين جديدين يرتبطان تنظيمياً بمجلس الوزراء هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة سمو ولي العهد، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي ولي العهد، حيث تطورت الرؤى الاستراتيجية للمملكة وتجسدت في رؤية المملكة 2030 حيث وافق مجلس الوزراء في ابريل 2016 برئاسة خادم الحرمين على ذلك المشروع الاستراتيجي العملاق حيث تمثل هذه الرؤية أهداف المملكة في التنمية والاقتصاد لخمس عشرة سنة مقبلة تقرر اطلاقها سواء بارتفاع سعر النفط أو انخفاضه حيث جسدت الرؤية إمكانية عيش المملكة برخاء وازهار اقتصادي في 2020 دون نفط في وقت أسس الملك عبدالعزيز المملكة وأدارها بكل نجاح واقتدار دون قطرة نفط.
وتسعى المملكة بكل ثقة واقتدار ضمن خطط أهدافها بحلول 2030 إلى رفع حجم اقتصادها وانتقاله من المرتبة 19 إلى المراتب الـ15 الأولى على مستوى العالم، ورفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40% إلى 75%، ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال، والوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40% إلى 65%، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7%.
وتشمل الخطط رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وتنمية الايرادات غير النفطية برفع قيمتها بنسبة 224% لتصل إلى 530 مليار ريال في 2020، وزيادة قيمة صادرات السلع غير النفطية من 185 مليار ريال، إلى 330 مليار ريال، وتعظيم المحتوى المحلّي بتوطين أكثر من 270 مليار ريال، ورفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 97 مليار ريال، والمساهمة في توليد أكثر من 450 ألف وظيفة في القطاعات غير الحكومية بحلول 2020.
وتتجه المملكة لفرض هيمنتها العالمية في صناعة البتروكيماويات وفروعها من خلال رفع عدد المنتجات الصناعية الأساسية والتحويلية ذات القيمة المضافة في مدن الهيئة الملكية للجبيل وينبع من 432 منتجا إلى 516 منتجا، وزيادة اجمالي ناتج صناعات مدن الهيئة الملكية البالغة 252 مليون طن إلى 309 ملايين طن، ورفع حجم استثمارات القطاع الخاص الجديدة البالغة 681 مليار ريال إلى 1.065 ترليون ريال بحلول 2020. كما لم يغفل جانب رفع تنافسية قطاع الطاقة بالمحافظة على حجم الطاقة الإنتاجية للبترول 12.5 مليون برميل يوميا، وحجم إنتاج الغاز الجاف من 12مليار قدم مكعب قياسي يومياً، إلى 17.8 مليار قدم مكعب قياسي يومياً، إضافة إلى رفع الطاقة التكريرية لمواجهة نمو الطلب من 2.9 مليون برميل يوميا، إلى 3.3 مليون برميل يوميا.
أكبر تحالف سعودي
في تاريخ العالم
والهمت رؤية المملكة بتنمية الايرادات غير النفطية إلى 530 مليار ريال تحفيز عملاقتي النفط والبتروكيماويات في العالم شركتي "أرامكو السعودية" و"سابك" نحو أكبر تحالف سعودي في تاريخ العالم لبناء مجمع متكامل لتحويل النفط الخام إلى منتجات كيماوية في المملكة وبحجم استثمار مقدر بنحو 112 مليار ريال ومن المخطط إنجازه في غضون 7 سنوات، حيث من المخطط تشييده في مدينة ينبع الصناعية وسيوفر حوالي 100 ألف فرصة عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة. وسوف يدعم هذا المجمع المبتكر زيادة قيمة صادرات السلع غير النفطية من 185 مليار ريال، إلى 330 مليار ريال. في وقت من المتوقع أن يستهلك حوالي 10 ملايين طن متري من الزيت الخام سنوياً في هذا المجمع لإنتاج البتروكيماويات والمواد الكيماوية المتخصصة.
أكبر حوض بحري بالشرق الأوسط
وتتجه المملكة نحو حقبة صناعية جديدة في الصناعات البحرية حيث قررت شركة أرامكو بناء أول وأكبر حوض بحري بالشرق الأوسط في مدينة رأس الخير الصناعية بحجم استثمارات تقدر بنحو 15 مليار ريال ويشمل المشروع بناء وتصنيع وهندسة وإصلاح السفن التجارية وصناعة أول ناقلة نفط بحرية عملاقة سعودية المنشأ، وإرساء المنصات البحرية وخدماتها المساندة والتي من المخطط إنجازها 2021 لتسير جنبا إلى جنب لتعزيز أحد أهم اهداف التحول الوطني 2020 بتحويل المملكة من مستوردة للسفن وقطع غيارها الى مصنع عالمي ومصدر لها، وتوفير 80 ألف فرصة عمل للسعوديين.
تعظيم المحتوى المحلي بـ270 مليار ريال
وساهمت إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وضمن أهم أهداف برنامج التحول الوطني المتمثل في المساهمة في تعظيم المحتوى المحلّي وتوطين أكثر من 270 مليار ريال في دفع خطط أرامكو لتعكف بآمال كبيرة على إنفاق أكثر من 1.125 ترليون ريال خلال العقد القادم توجه نسبة 70% منها للسلع والخدمات المنتجة محليًا سعياً لتعزيز التنويع الاقتصادي، وزيادة القدرة على المنافسة على الصعيد العالمي وتوفير فرص العمل في المملكة. وقررت أرامكو ضمن إجراءات الشراء مواصلة سعيها لإعطاء الأولوية للمنتجات والخدمات المنتجة محليًا وذلك بهدف مضاعفة نسبة السلع والخدمات المنتجة محليًا في مجال الطاقة ضمن تعاقدات أرامكو السعودية لتصل إلى 70%، وزيادة الصادرات من سلع وخدمات الطاقة سعودية المنشأ إلى 30% بحلول عام 2021.
تزعم إنتاج البتروكيماويات والتعدين
ويتعزز الترابط بين المدن الصناعية الجبيل وينبع ورأس الخير وجازان ووعد الشمال من خلال تجمعات صناعية بتروكيماوية وتعدينية وتكريرية وتحويلية ضخمة جديدة من شأنها رفع إجمالي حصة المملكة من سوق البتروكيماويات العالمي إلى أكثر من 12% فضلاً عن رفع الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات إلى نحو 120 مليون طن سنوياً ورفع الطاقة التكريرية إلى 20 ألف برميل سنوياً ورفع حجم الاستثمار إلى أكثر من 1.5 ترليون ريال لتدفع المملكة بالمرتبة الثالثة عالمياً في انتاج البتروكيماويات وتزعم صناعة التعدين.
ثورة جازان الصناعية
وتحضر مصفاة وفرضة جازان المملوكتين بالكامل لشركة أرامكو السعودية لتوليد أكثر من 450 ألف وظيفة بحلول 2020 حيث من المخطط ان توفر مصفاة وفرضة جازان لوحدها أكثر من 70 ألف فرصة وظيفية جديدة مع ترقب لإطلاق استثمارات وأعمال في المنطقة يصل إجمالي تكلفتها نحو 70 مليار ريال إضافة إلى مصفاة جازان وفرضتها بتكلفة 26 مليار ريال. وتتأهب لبدء التشغيل التجريبي ومعالجة 400 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي الثقيل والمتوسط في وقت تقرر ان تكون مخرجات المصفاة موجهة بشكل رئيس للاستثمار الداخلي للمنطقتين الغربية والجنوبية وتصدير الفائض للأسواق العالمية. ومن المخطط تنفيذ مشروع لصناعة السفن والأعمال المرافقة لها من إصلاح وصيانة في مدينة جازان على البحر الاحمر الذي تعبره حوالي 20 ألف سفينة سنوياً، ويتضمن إقامة منشآت الحوض الجاف، ومنشآت التصنيع والخدمات، وتقدر تكلفتها بـ8 مليارات ريال، ويوفر المشروع حوالي 2000 وظيفة مباشرة، إضافة إلى خطط تنفيذ مشروعاً لإنتاج صفائح الحديد التي تدخل في صناعة السفن والمعدات المستخدمة في صناعة البترول والبتروكيميائيات وتحلية المياه ومن المقدر أن تبلغ تكلفة المشروع 4 مليارات ريال، ويوفر حوالي 1200 وظيفة.