لدول مجلس التعاون الخليجي القدرة على أن تصبح السوق الأسرع نمواً على الساحة العالمية للتجارة الإلكترونية، وذلك وفقاً لتقرير حديث أعدته شركة الاستشارات الإدارية "أيه تي كيرني". فرغم الأسس الاقتصادية المتينة، ما تزال دول مجلس التعاون الخليجي من بين أسواق التجارة الإلكترونية الأقل اختراقاً في العالم. ومع ذلك، وبفضل مستويات الدخل المتاح العالية، والمعدل الرائد عالميا لانتشار الإنترنت والهواتف الذكية، وتغيّر تفضيلات المستهلك، هناك إمكانات قوية في المنطقة، وبدأت بعض الشركات الواعية باغتنام هذه الفرص.
حاليا، يعتبر سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة أصغر بكثير عند المقارنة بالأسواق الناضجة التي تتحلى بأسس اقتصادية مماثلة. فمع حجم سوق يقدر بـ 5.3 مليار دولار (19.4 مليار درهم) في عام 2015، أسهمت التجارة الإلكترونية بحوالي 0.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة -وهي نسبة ضئيلة تقل بـ 4-8 مرات عن الأسواق الأخرى المماثلة. ووفقاً للتقرير، هناك العديد من العقبات التي تحول دون وصول التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى إمكاناتها الكامنة، بما في ذلك مستوى وعي وثقة المستهلك، والثغرات في أنظمة الدفع والتوزيع والبنية التحتية اللوجستية، والسياسات الحكومية، وأمن البيانات ومكافحة الاحتيال، إضافة إلى قلة عروض التجارة الإلكترونية من متاجر التجزئة. وتكشف دراسة أيه تي كيرني أن 34% من كبرى متاجر التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي لديها قنوات للتجارة الإلكترونية، مقارنة بـ 58% في الولايات المتحدة. ومع ذلك، هناك فرص كبيرة للتغلب على هذه التحديات وتعزيز النمو في هذا القطاع، حيث تتوقع الدراسة وصول السوق لأربعة أضعاف قيمته وتحقيق 20 مليار دولار بحلول عام 2020 ما إذا تم التحقق من تفعيل العوامل المحفزة.
وتعليقا على نتائج التقرير، قال لوران فيفييز، الشريك في أيه تي كيرني: "نتوقع أن يؤدي نمو التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى تحويل مستقبل الأعمال والاقتصاد والحياة في جميع أنحاء المنطقة -ولكن ذلك يعتمد على ما إذا تم تفعيل مجموعة من العوامل المساعدة. وذلك لا يستبعد تجار التجزئة التقليدية الذين يمكنهم أن يكونوا الفريق المنتصر عند اعتماد نهج القنوات المتعددة. ونحن نرى أن مستقبل القطاع ليس رقمياً بحتاً بل هو رقمي ومادي -حيث يمكن أن تستفيد التجزئة التقليدية كثيراً من هذا الاتجاه."
ويذكر التقرير أن الدفع عبر الإنترنت وانخفاض ثقة المتسوقين هي من بين أكبر العوامل الكابحة لنمو التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي. ونتيجة لهذه العوامل، ما تزال 60% من الطلبات عبر الإنترنت تفضل الدفع نقدا عند الاستلام. وهذه الطريقة ليست مكلفة فحسب لتجار التجزئة لأنها تحمل مخاطر أخطاء المعاملات والنقل المادي للنقد، بل وتؤثر سلباً على تدفقاتها النقدية.
من جهته قال عادل بلقايد، المدير في أيه تي كيرني: "يجب أن يكون مجال تركيز تجار التجزئة هو تحديد أفضل خيارات الدفع لضمان أمن المعاملات وأفضل تجربة للعملاء. إنهم بحاجة لتشكيل نظم إيكولوجية متكاملة للدفع لضمان قابلية التشغيل البيني، وإقامة شراكات استراتيجية مع أفضل مقدمي الخدمات لتنشيط هذا المجال، وكذلك تمكين الدفع عبر الهواتف النقالة بالتعاون مع شركات الاتصالات والاستفادة من انتشار الهواتف النقالة الذكية في المنطقة."
ومع وفرة الفرص، حان الوقت لدفع عجلة نمو التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي. حيث أصبح المستهلكون أكثر إلماماً بالتكنولوجيا الحديثة وعلى استعداد لتبني التجارة الإلكترونية، كما يمكن لمراكز البيع الإلكترونية الاستفادة من التحركات المبكرة. أما تجار التجزئة التقليدية الذين اعتمدوا نهج الترقب والانتظار فهم بحاجة إلى التحرك الآن لحجز حصة من هذه السوق التي تشهد نمواً سريعاً.