خلص تقرير خاص ببرنامج التحول الوطني 2020 إلى أن البرنامج يبشر بعهد جديد يتبنى سياسة شاملة لإصلاح الاقتصاد السعودي، وتبلغ تكلفته الإجمالية التي سيتحملها القطاعين العام والخاص نحو 447 مليار ريال، تتحمل الحكومة منها 268,4 مليار ريال، فيما يساهم القطاع الخاص بنسبة الـ 40 بالمائة المتبقية، والتي تعادل 179 مليار ريال، الأمر الذي من شأنه تعزيز الدور المنوط بالقطاع الخاص للمساهمة بفعالية في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.
ويركز التقرير، الصادر عن شركة جدوى للاستثمار، على توضيح الشكل العملي لبرنامج التحول الوطني 2020، حيث يسلط الضوء على المراحل الخمس التي تضمنها البرنامج، والتي تشمل تحديد التحديات التي تقف بطريق تحقيق أهداف رؤية 2030، وتطوير المبادرات على المستوى الوزاري، وتنفيذ الخطط الموضوعة لكل مبادرة من المبادرات، ونشر نتائج الجهات الحكومية من أجل مراجعة أدائها، والمراجعات الدورية والمتابعة.
ويسلط التقرير الضوء على المبادرات الرئيسية لبرنامج التحول الوطني 2020، والمهام المنوطة بعدد من الوزارات والجهات والهيئات الرسمية إضافة إلى دور القطاع الخاص لتحقيق هذه الرؤية الطموحة. وعلى سبيل المثال، يعد تحقيق توازن الميزانية في عام 2020 واحدا من أهم أهداف وزارة المالية التي خصصت لها 3,3 مليار ريال من ميزانية البرنامج، وهدفها الاستراتيجي تعزيز حوكمة المالية العامة من خلال الشفافية في الميزانية. ويُعتبر مؤشر قياس الأداء لتحقيق ذلك الهدف هو تحسين المرتبة في الميزانية المفتوحة من خط الأساس صفر/100 إلى 25/100 عام 2020. الهدف الاستراتيجي الثاني لهذه الوزارة هو زيادة الإيرادات غير النفطية من 163,5 مليار ريال عام 2015 إلى 530 مليار ريال عام 2020، والذي يقتضي معدل متوسط نمو تراكمي عند 26,5 بالمائة مقارنة بمعدل 18,3 بالمائة بين عامي 2011 و 2015، إضافة إلى رفع كفاءة الإنفاق على الرواتب والأجور من خلال تحسين الإنتاجية.
وفيما يتعلق بوزارة الاقتصاد والتخطيط التي تصل تكلفة برامجها إلى نحو 3,3 مليار ريال، فستعمل بشكل رئيسي على تخصيص عدد من الخدمات والأصول الحكومية وزيادة الإيرادات من مشاريع التخصيص. وستتولى كذلك مهمة زيادة كفاءة برامج الدعم الحكومي، بالإضافة إلى تنويع مصادر الناتج المحلي الإجمالي. ويرى تقرير شركة جدوى للإستثمار أنه وعلى الرغم من اعتبار مبادرات وزارة الاقتصاد كخطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنه ليس من الواضح حتى الآن كيف سيتم تشجيع القطاع الخاص على المشاركة وآلية المراقبة للوصول إلى مؤشرات الأداء المذكورة.
وفيما يتعلق بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، فيحدد برنامج التحول الوطني 2020 عددا من الأهداف الرئيسية للوزارة، على رأسها تحقيق معدل بطالة عند 9 بالمائة 2020، مقارنة بـ 11,6 بالمائة حالياً. وترى شركة جدوى للإستثمار إمكانية تحقيق ذلك إذا تضافرت الجهود، خاصة وأن النسبة المستهدفة تتسق مع متوسط التوظيف السنوي للسعوديين 194 ألف بين عامي 2016 و 2020، علماً بأن برنامج التحول الوطني يهدف إلى إنشاء 491 ألف وظيفة (98,2 وظيفة في العام) في القطاع الخاص، فيما سيتم توفير باقي الوظائف البالغ عددها 95,8 ألف من خلال عملية إحلال السعوديين. كما سيتم العمل على زيادة نسبة المرأة في القوة العاملة السعودية من 23 بالمائة خط الأساس إلى 28 بالمائة عام 2020، وكذلك رفع عدد الطلاب المسجلين في التدريب التقني والمهني ليصل إلى 950 ألف عام 2020.
وحظيت وزارة الإسكان بأكبر حصة من التمويل الحكومي في برنامج التحول الوطني تصل إلى 59,1 مليار ريال، وذلك بهدف زيادة نسبة تملك الأسر السعودية من 47 بالمائة عام 2015، إلى 52 بالمائة عام 2020، وهو هدف طموح في ظل التوقعات بإرتفاع الطلب على الوحدات السكنية خلال السنوات الخمس القادمة. كما تم تخصيص مبلغ 31,5 مليار ريال لتشجيع مشاركة شركات التطوير العقاري لزيادة المعروض من الوحدات السكنية وتطوير الأراضي الحكومية.
وتم تخصيص مبلغ 4 ميار ريال لوزارة التجارة والاستثمار ضمن برنامج التحول الوطني، وبهدف طموح يركز على تحسين مؤشر ثقة المستهلك في المملكة من 106 إلى 115، إضافة إلى أهداف دعم المنشئات الصغيرة والمتوسطة من خلال التركيز على زيادة مساهمتها في الناتج المحلي ورفع حصتها في إجمالي التوظيف من 51 إلى 53 بالمائة، مع التركيز على زيادة تنافسية المنتجات والخدمات المحلية، فيما ستعمل الهيئة العامة للإستثمار على جذب 18,7 مليار دولار كتدفقات استثمارية خارجية مباشرة سنوياً بحلول عام 2020، مع السعي لتطوير البنية التحتية اللازمة لضمان تسهيل ممارسة الأعمال.
وسلط التقرير الضوء كذلك على الدور المنوط بكل من وزارة الحج والعمرة لرفع مستوى السياحة الدينية، عبر زيادة عدد القادمين من خارج المملكة إلى 15 مليونا بحلول العام 2020 مقارنة بـ 6 مليون عام 2015. وفيما يخص القطاع الصحي، يهدف البرنامج إلى زيادة حصة القطاع الخاص من إجمالي الإنفاق على الصحة إلى 35 بالمائة عام 2020 مقارنة بـ 25 بالمائة حالياً، مع العمل على مضاعفة عدد الأطباء السعوديين الملتحقين ببرامج التدريب من 2,200 إلى 4,000 طبيب. إلا أن التكلفة التشغيلية لقطاع الصحة لدخول مريض ستبقى دون تغيير عند 33 ألف ريال.
وحظيت الهيئة الملكية للجبيل وينبع بثاني أكبر مخصص حكومي لتنفيذ مبادرات في إطار برنامج التحول الوطني 2020، بمبلغ 41,6 مليار. وبالإضافة إلى زيادة إجمالي الإنتاج الصناعي للمدن التابعة للهيئة الملكية بنسبة 23 بالمائة ليصل إلى 309 مليون طن، يعد عدم الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل كذلك أحد أهم الأهداف الاستراتيجية التي ستعمل الهيئة على تحقيقها. وينطبق الأمر كذلك على وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية التي ستعمل على رفع قيمة صادرات السلع غير النفطية إلى 330 مليار ريال سعودي بدلاً من 185 مليار بحلول عام 2020، ومع ذلك ستبقى الطاقة الإنتاجية للنفط الخام عند 12,5 مليون برميل لليوم. كما ستعمل الوزارة على تركيز الاستثمار في قطاع الاستكشاف والتنقيب على الغاز، إذ تستهدف الطاقة الانتاجية له الوصول إلى 17,8 مليار قدم مكعب لليوم عام 2020 بدلاً من 12 مليار قدم مكعب حالياً.
تطبيق برنامج التحول الوطني سيطور من أداء الاقتصاد الكلي للملكة
ويخلص التقرير إلى أنه مما لاشك فيه أن تطبيق برنامج التحول الوطني سيطور من أداء الاقتصاد الكلي للمملكة على مدار الخمس سنوات المقبلة، مما يعني أن النمو الاقتصادي سيعتمد أكثر على أنشطة القطاع الخاص بدلاً عن اعتماده على القطاع النفطي والإنفاق الحكومي، كما كان سابقاً، مع التركيز على الشراكات مع القطاع الخاص وتطوير المحتوى المحلي في مختلف القطاعات وإيجاد وظائف، وكلها أهداف رئيسية سيتم القياس عليها. كما سيدفع برنامج التحول الوطني بإتجاه جعل الأنظمة مؤسساتية ويعزز الشفافية ويفتح الباب أمام الجميع للمساهمة في تأكيد تنفيذ خطط البرنامج وتحقيق معدلات النمو المطلوبة. وتعتقد جدوى للإستثمار أن عام 2016 لن يتأثر بمبادرات برنامج التحول الوطني، لذلك سيبقى التباطؤ الاقتصادي حتى نهاية العام، ولكن ستبدأ تأثيرات برنامج التحول الوطني بالظهور في عام 2017 وما بعده.
كما قامت شركة جدوى للاستثمار بتعديل توقعاتها لعجز الموازنة للعامين 2016 و2017 لتكون 283 مليار ريال سعودي (12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي) و 210 مليار ريال سعودي (8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي) على التوالي. سيؤدي ارتفاع عائدات الخام نتيجة التوقعات بارتفاع أسعار النفط إلى تقليص العجز، كما يتوقع أن يتحقق ضبط الإنفاق في الميزانية بوتيرة أسرع، مما يسهم بشكل ملحوظ في تحسين مستوى العجز خلال السنوات القليلة القادمة. يستهدف برنامج التحول الوطني وضع ميزانية متوازنة بحلول عام 2020، حيث رجح التقرير أن وتيرة ضبط المصروفات تتماشى مع الأهداف بعيدة المدى المحددة في برنامج التحول الوطني.