تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ حوادث الطرق غدت السبب الرئيسي للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15-29 سنة، إذ يموت أكثر من 1.2 مليون شخص كل عام في جميع أنحاء العالم نتيجة حوادث مرورية. وفي مواجهة ذلك، يمكن لتقنيات الاتصال بين المركبات والأشياء V2X، بدءاً بالمعيار 802.11p وصولاً إلى تقنية V2X الخليوية (C-V2X)، أن تساعد في تحسين الأمان على الطرقات، ورفع كفاءة وسائل المواصلات، وخفض تلوث الهواء، وتحسين تجربة القيادة.
تمثّل تقنيات الاتصال بين المركبات والأشياء V2X حجر الأساس لصناعة مركباتٍ متصلة وأكثر أماناً في المستقبل، حيث تمنحها القدرة على "التواصل" فيما بينها ومع المشاة والبنية التحتية للطرق بالإضافة إلى الخدمات السحابية. لذلك فليس من المستغرب أن تختار نشرة MIT Technology Reviewتقنية V2X بين أفضل التقنيات الثورية الجديدة للعام 2015، حيث رجّحت النشرة "أن يكون للاتصالات بين المركبات أثرٌ أكبر من تقنيات أتمتة القيادة المتقدمة التي يجري الحديث عنها على نطاق واسع".
وتعدّ تقنية V2X لبنة أساسية في تمكين بنية تحتية مستقلة تماماً للمواصلات. فعلى الرغم من التطورات المشجعة في تقنيات الرادار وكشف الضوء والمدى وأنظمة الكاميرات، والتي تجعل حلم القيادة الذاتية أقرب إلى الواقع، لا بد أن نتذكر أنّ أجهزة الاستشعار تلك محدودة النطاق والمدى. وتكمّل تقنية V2X قدرات أجهزة الاستشعار تلك بتوفير وعي شامل بزاوية 360 درجة دون الحاجة لخط نظر مباشر، ما يوسّع مدى رؤية المركبة لمسافة أبعد على الطريق، حتى عند التقاطعات العمياء أو في الظروف الجوية السيئة.
لكن، كم من الوقت علينا أن ننتظر قبل أن تصبح تقنية V2X حقيقة؟ في الواقع، إن تقنية V2Xجاهزة اليوم. فقد تم وضع المعيار 802.11p على أساس تقنية واي-فاي ليكون أساس اتصالات V2Xذات التأخير الزمني المنخفض. ولتحسين السلامة على الطرق للمركبات الخفيفة المستقبلية، من المتوقع أن تبدأ "الهيئة الوطنية للسلامة على الطرقات السريعة" في الولايات المتحدة هذا العام بوضع قواعد للاتصالات المرورية قصيرة المدى DSRC.
لكنّ مركبات المستقبل ذاتية القيادة تتطلب تطوراً تقنياً مستمراً لاستيعاب متطلبات السلامة المتزايدة وحالات الاستخدام المتنوعة. وسيوفر الانتقال إلى شبكات الجيل الخامس 5G هذا التطور المطلوب، فتقنية C-V2X متضمنة في الإصدار 14 للمواصفات المعيارية 3GPP، والتي من المتوقع اكتمالها قبل نهاية العام الجاري.
تحدد C-V2X وضعين جديدين للتراسل اللاسلكي يعملان معاً لتمكين مجموعة واسعة من حالات استخدام المركبات:
· يتيح الوضع الأول التواصل المباشر بين المركبة والمركبات الأخرى والمشاة والبنية التحتية للطرق. ويستند ذلك إلى اتصالات LTE المباشرة من جهاز إلى جهاز، عبر تطوير التقنية بابتكارات لتبادل المعلومات آنياً بين المركبات، سواءً كانت تسير بسرعات كبيرة، أو في حالات الكثافة المرورية العالية، أو حتى خارج مناطق تغطية شبكات الهاتف النقال.
· أما الوضع الثاني فهو يستخدم التغطية واسعة الانتشار لشبكات LTE القائمة، بحيث تحصل مثلاً على إشعارٍ بوقوع حادثٍ على بعد أميال أمامك، أو إرشادات إلى مواقف شاغرة، وأكثر من ذلك. ولتمكين هذا الوضع، نحن نعمل على ترقية تقنية البث عبر شبكاتLTE لتشمل اتصالات المركبات.
ولدعم التطوّر التقني المطلوب وتسريع وتيرته، تلعب Qualcomm دوراً قيادياً ورائداً في جهود تطوير تقنية C-V2X ضمن المواصفات المعيارية 3GPP، انطلاقاً من ريادتنا في اتصالات LTE المباشرة والبث عبر شبكات LTE.
ربما يكون الفرق بين وقوع الحادث المروري أو تجنّبه بضعة أجزاء من الألف من الثانية، وبفضل المدى الأكبر لتقنية C-V2X، والذي يقارب ضعف ما تقدّمه الاتصالات المرورية قصيرة المدى DSRC، فإن تقنية C-V2X يمكن أن توفر لحظاتٍ حاسمة من وقت ردّ الفعل اللازم لتجنب وقوع الحوادث. وإلى جانب تعزيز السلامة، تغطي تقنية C-V2X مجموعة واسعة من حالات الاستخدام، من تعزيز الوعي الظرفي مروراً بتحسين إدارة حركة المرور إلى الخدمات السحابية المتصلة.
ستوفر تقنية C-V2X منصة اتصالات موحدة لمركباتٍ أكثر أماناً في المستقبل، وبذلك فإن شبكات الجيل الخامس 5G، والتي تتضمن هذه التقنية، ستوفر إمكانات أكبر للمركبات المتصلة، فسرعة البيانات الكبيرة والتأخير المنخفض والموثوقية المعززة لاتصالات الجيل الخامس 5G ستتيح للمركبات تبادل بيانات غنية بشكل آني، وتساهم في تحسين تجارب القيادة الذاتية والمستقلة بالكامل، ومن ذلك على سبيل المثال:
· "التعاون لتفادي حوادث التصادم": بالنسبة للمركبات ذاتية القيادة، قد تؤدي التصرفات الفردية للمركبة لتجنب الاصطدامات إلى ظروف قيادة خطرة للمركبات الأخرى. بينما يتيح "التعاون لتفادي حوادث التصادم" لجميع المركبات تنسيق تصرفاتها لتجنب الاصطدامات بطريقة مشتركة.
· التتابع عالي الكثافة: في بيئة المركبات ذاتية القيادة، يمكن للمركبات أن تتواصل فيما بينها لإنشاء سلاسل متقاربة من المركبات المتتابعة على الطرق السريعة. ويسمح هذا التتابع عالي الكثافة بخفض المسافة بين المركبات حتى مترٍ واحد، وفي الوقت ذاته تحسين الأمان، فضلاً عن تحسين كفاءة المرور وتوفير الوقود.
· الرؤية من خلال المركبات: في الحالات التي تكون فيها مركبة صغيرة وراء مركبة كبيرة (مثل شاحنة)، لا يمكن للمركبات الصغيرة مثلاً رؤية المشاة عندما يعبرون الطريق أمام المركبة الكبيرة. وفي مثل هذه الحالات، يمكن لكاميرا الشاحنة استشعار الموقف وإرسال صورة المشاة أمامها للمركبة الصغيرة في الخلف، والتي بدورها تنبّه السائق وتعرض له المشاة بتمثيلٍ افتراضي على الزجاج الأمامي.
وفضلاً عن دورنا الريادي في تطوير تقنية C-V2X، والمساعدة في رسم الطريق نحو شبكات الجيل الخامس 5G، فإننا نعمل على تقديم مستوياتٍ جديدة من الذكاء والتكامل بين الأجهزة في مركبات الغد المتصلة. وتساهم ابتكاراتنا في التقنيات الإدراكية، مثل الاستشعار المستمر والرؤية الحاسوبية والتعلّم الذاتي للآلة، في تحقيق رؤيتنا لمركباتٍ ذاتية التحكم وأكثر أماناً.