اتفق المشاركون في المنتدى السعودي الأمريكي للرعاية الصحية بالرياض على ضرورة تكاتف الجهود لمعالجة أزمة نقص الكفاءات وقلة عدد العاملين في القطاع الصحي، وأشاروا خلال 7 جلسات علمية شهدها امس على وجود عوائق كبيرة تقف حائلاً أمام تطوير وتنمية القطاع أهمها العنصر البشري، وأكدوا على أهمية وجود شراكة فاعلة بين القطاعين الخاص والعام لتخفيف أعباء العلاج على كاهل الدولة في ظل برنامج التحول الوطني الذي تشهده المملكة.
وشهد المنتدى الذي يرعاه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض بحضور السفير الأمريكي جوزف وسفتولو، زخماً كبيراً، حيث تنافس 80 خبيراً صحيا من السعودية والولايات المتحدة على تقديم رؤية متكاملة لتطوير القطاع الصحي ومواجهة أبرز التحديات التي تواجهه، وذلك في حضور أكثر من 1000 أكاديمي وخبير ومختص من مختلف القطاعات الصحية بفندق الرتز كارلتون.
وناقشت الجلسة الأولى التي ترأستها الدكتورة العنود بنت خثيليه تحديات الرعاية الصحية الاجتماعية، من الطفولة إلى المرض العقلي او الذهني، بمشاركة الدكتورة ياسمين التويجري الخبيرة بمركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي،
ومشعل السعود من مستشفى الملك فيصل التخصصي، والدكتور هشام حمودة من مركز التحكم والوقاية من الأمراض بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتور مارك بيتي من المركز نفسه، والسيد ديفيد ستوارت المدير الإداري باي ام اي ايه بالولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الدكتور مارك بيتي إلى وجود ٤٥٠ مليون شخص يعانون من الخلل العقلي أو السلوكي.، بينهم مليون شخص ينتحر سنويا، وأن عائلة من كل 4 عائلات على الأقل لديها شخص به خلل عقلي بسبب خلل بالجهاز العصبي والنفسي، وأكد أن الخلل العقلي يكلف الاقتصاد العالمي بليونات الدولارات سواء من ناحية المصاريف أو خسائر في الإنتاجية، حيث أن تكلفة المشاكل الصحية العقلية في الدول المتقدمة يقدر ما بين ٣٪ و ٤٪ من الناتج القومي للدولة، وقال: يعد انتشار المشاكل العقلية وتوابعها لدى البالغين والاطفال، شيء غير مفاجيء ان يكون لها اعباء عاطفية وكذلك مالية على الاشخاص وعائلاتهم والمجتمع ككل. التاثير الاقتصادي للامراَ العقلية تؤثر على الدخل الشخصي، والقدرة على العمل، والانتاج في موقع العمل والمساهمة في الاقتصاد الوطني، وكذلك على المنفعة من العلاج والخدمات المساندة.
فاتورة المكتئب
ولفتت الدكتورة ياسمين التويجري كبيرة الباحثين ورئيسة قسم الوبائيات في مركز أبحاث مستشفى الملك فيصل التخصصي، والباحث الرئيسي في المشروع الوطني للصحة وضغوط الحياة إلى أن متوسط تكلفة السنوية متضمنة الصحي والصيدلي وتكلفة الإعاقة للموظف المكتئب حوالي ٤.٢ مرات أعلى من المستفيد العادي.. مع ذلك تكلفة العلاج تعوض كليا عن طريق التأثير الشخصي لجميع الأعمار في جميع مراحل المرض العقلي.
واستعرضت الجهود التي يقوم بها المسح الوطني للصحة وضغوط الحياة.. وقالت: يقدم دراسات فريدة من نوعها تحت مظلة مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وتكمن أهمية المشروع أنه سيزود متخذي القرار والمتخصصين ببيانات صحية واجتماعية ومؤشرات إحصائية ذات جودة علمية عالية وبأيدي كفاءات وطنية، وهو يضم مجموعة من الأطباء والمختصين والعلماء والباحثين المهتمين بالتعرف على ضغوط الحياة في المملكة وتأثيرها على الصحة، ويتولى تنفيذ المسح فريق من الخبراء ينتسبون إلى عدة مراكز أبحاث وطنية وجهات حكومية وهي: مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، ووزارة الصحة، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في وزارة الاقتصاد والتخطيط، وجامعة الملك سعود، والمركز العربي للبحوث والدراسات الاستشارية، وذلك بالتعاون مع مؤسسات عالمية عريقة وهي منظمة الصحة العالمية، جامعة هارفرد، وجامعة ميتشجن، وتم دعم هذا المشروع بتبرع سخي من شركة سابك، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وشركة أبراج كابيتال كشركاء استراتيجيين لهذا المشروع.
وأشارت إلى أنه اختيار عينة عشوائية من جميع مناطق المملكة، تتكون من 5 آلاف مشارك ومشاركة، تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 65 سنة، وسيتم مقابلة الأشخاص الذين تم اختيارهم في منازلهم، وستجرى المقابلات عن طريق فريق متدرب ومرخص بالتعاون مع وزارة الصحة وزارة الصحة، كما سيقوم فريق من مدققي الجودة بإجراء مقابلات هاتفية قصيرة، مع ألفان شخص تقريباً اختيروا عشوائيا من عينة المسح، للتأكد من صحة المعلومات التي جمعت أثناء المقابلات المنزلية، وسيجري إجراء مقابلاتنا باستخدام أحدث وسائل وتقنيات جمع المعلومات للبحوث المسحية عن طريق استخدام أجهزة الحاسب الآلي المحمول (لابتوب) مما سيقلل نسبة الخطأ ويدعم دقة العملية في نفس الوقت، وبعد الانتهاء من جمع البيانات سيتم تحليلها ومعالجتها واستخراج المعلومات المفيدة والضرورية من أجل التوصل إلى أفضل الحلول والتوصيات والبرامج التي ستؤدي إلى خدمة مجتمعنا والأجيال القادمة بإذن الله، مشيرة أن العمل الميداني بدأ من يناير 2013 ويستمر حتى شهر ديسمبر 2016.
نقص كفاءات
واعترف المشاركون في جلسة " التسريع والاعتماد على البنية التحتية للرعاية الصحية من خلال التعاون بين القطاع العام والخاص" التي ترأسها مازن مطر بوجود نقص كبير في الكفاءات البشرية بالقطاع الصحي، وحظيت الجلسة بمشاركة الدكتور جون هيكز من بريطانيا، باري وايت من اسكتلندا، والدكتورة بسمة البحيران من هيئة الاستثمار السعودية، وستيفن ناش من الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت البحيران: على الرغم من ارتفاع الاستثمار وتغطية الرعاية الصحية بشكل اوسع، الا انه لا يزال هناك مشاكل في البنية التحتية لنظام الرعاية الصحية بالمملكة . هناك ثغرات في القدرات ونقص في عدد العاملين في المجال الصحي وكذلك عدم تناسق الرعاية، ففي بعض المناطق توجد العديد من البرامج المتخصصة ، ولكن يوجد عدد قليل من الكفاءات. كما أن هناك تفاقم في الإمراض المزمنة، يعني أن الرعاية الصحية في السعودية قائمة على أكتاف الدولة التي تتحمل اغلب التكاليف، وهذا لا يمكن ان يستمر مع تقدم العمر للشريحة الكبيرة من صغار السن سيتطلب مصروفات وتكاليف أكثر، واحد الحلول لحل هذه المشكلة هو التعاون والشراكة بين القطاع العام والخاص. في العديد من الدول استخدمت هذه الشراكة للتقليل من التكاليف على المريض وتحسين الرعاية.
واستعرضت جلسة "الرعاية الصحية ، التحديات والفرص" التي أدراها الدكتور مازن حسنين وسائل استخدام التقنية في خدمة القطاع الصحي، وأثرى النقاش عثمان منكيرا، فؤاد الفرحان ، راكان العيدي، وائل كابلي، إضافة إلى عائشة سالم ملحق حماية الحقوق الفكرية من الولايات المتحدة الأمريكية، واتفق المشاركون على أن الجيل الجديد يستخدم التقنية في جميع جوانب الحياة الحديثة، وسط اهتمام ملحوظ لدعم بدء المشاريع في السعودية لتقليص الفجوة في مجال التكنولوجيا وتحسين التنوع الاقتصادي. ومع التحديات المستمرة لتحقيق التطلعات في مجال الرعاية الصحية والضغوطات على الاقتصاد، بات تشجيع الابتكار في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أهم الأولويات لخلق مزيد من الفرص الوظيفية.
وشددت جلسة "تنفيذ المبادئ التوجيهية الإقليمية فيما يتعلق بعلاج المرضى وسلامتهم وفاعلية التكلفة لخدمات الرعاية الصحية" على ضرورة تلبية الإستراتيجية الصحية لاحتياجات السكان بشكل عام مع التركيز على الشرائح الفقيرة والمهمشة، التي لا تستطيع الحصول علي الرعاية الصحية، مع فعالية الجودة وتحسين السلامة، وأدار الجلسة الدكتور جون اولتواسكي المدير الطبي بجونز هوبكنز بأمريكا، بمشاركة الدكتور سين تافتيجان، الدكتور علي مكداد، الدكتور عبد الله هوساوي، والدكتور احمد العمري مدير الجودة وسلامة المرضى بالشئون الصحية بالحرس الوطني.
العجر.. تريليون
وفجرت الجلسة العلمية السابعة في جدول المنتدى السعودي الأمريكي للرعاية الصحية أمس ـ الثلاثاء ـ مفاجأة كبيرة، بالكشف عن وجود عجز يصل إلى تريليون دولار أمريكي سنوياً في البنية التحتية للقطاعات الصحية بالعالم، وأكدوا أن البنية التحتية تتكلف ما يزيد عن ٤ تريليون دولار سنويا وهناك فجوة تقدر بتريليون دولار سنويا، حيث أن المال الذي يوفره القطاع العام لا يكفي لسد هذه الفجوة ، فتوفر البنية التحتية من ابرز الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص من خلال بناء شراكة بين القطاع العام والخاص.
وأشار البرفيسور ستيف ناش مدير الجلسة إلى أنه تم إحراز تقدم كبير في نشر أفضل الممارسات من خلال الشراكات بين القطاعين، التي يمكن ان توفر وسيلة مربحة للوصول الى رأس المال من القطاع الخاص، وتقلل من المخاطر، و واستعرض المشاركون وهم دنيس كوقد وبرنت جيمس من أمريكا، والدكتورة بسمة البحيران والدكتورة مها المزيني والدكتور منصور الهجلاه من السعودية الخطوات المناسبة المخاطر في مشاريع البنية التحتية، وأفكار برنامج شراكة وطني مع الدروس المستفادة، ومناقشة الجيل القادم من الشراكة وإعادة توزيع المخاطر بين القطاعات، علاوة على مناقشة موقع الصحة العامة في إدارة صحة السكان.
وتناولت جلسة "اهمية الشفافية المساءلة في المشتريات الطبية والأسعار" التي أدارها البروفسيور صالح باوزير، بمشاركة الدكتور نيك فان والدكتور أحمد الخذيب ومنير بيج أهمية الصيدلة كجزء لا يتجزأ من نظام الرعاية الصحية، واتفقوا على أن أي ضعف في إدارة النظام الصيدلاني يؤثر سلبا على الصحة وخاصة في البلدان النامية، وأن الشراء على أساس مفهوم قائمة الأدوية الأساسية ، جنبا الى جنب مع الشفافية، يؤدي إلى تحسين الكفاءة وإمكانية الحصول على الأدوية، مشيرين إلى أن الشفافية تعتبر خطوة أولى، في ظل الحاجة للمساءلة لتحقيق الاستدامة، علاوة على أن نظم المعلومات تخلق فرصا لتحقيق الشفافية والانفتاح من خلال الكشف عن المعلومات وتحسين عملية صناعة القرار والكفاءة في التوريد الطبي.