ترحب "بي دبليو سي" بالجهد العالمي الرامي إلى تحديث وإصلاح النظام الضريبي الدولي وتعزيز الشفافية. وقد شهد نظام الضريبة تحولاً جذرياً نتيجة لعولمة الشركات والدخول في العصر الرقمي الحديث. ونحن نعتقد أن القواعد والقوانين الضريبية الدولية القائمة حالياً بحاجة إلى التحديث كي تتلاءم مع طريقة عمل الشركات في يومنا هذا، وإنه من الصواب أن تقود منظمة ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ في الميدان الاقتصادي هذه الجهود إذ أن التغيير يجب أن يحدث على مستوى دولي.
ويمثل مشروع " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" خطوة هامة على طريق استعادة الثقة في النظام الضريبي الدولي. وقد درست منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي القواعد الضريبية الدولية بكافة جوانبها لمعرفة مدى ملاءمتها لعالم الأعمال اليوم في كل من البلدان المتقدمة والنامية.
وتعكس حزمة اقتراحات " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" التي تمّ الإعلان عنها اليوم توافقاً وتقدماً كبيراً تم إحرازه في هذه القضايا تجاوز توقعات الكثيرين. وهذه الأداة متعددة الأطراف تعني أن هناك احتمال للقيام بتحديث سريع للعديد من المعاهدات الضريبية المزدوجة من أجل البدء بتنفيذ بعض الإرشادات الواردة في مجموعة اقتراحات " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" عاجلاً وليس آجلاً.
لكن لا يزال هناك الكثير يتعين القيام به، على سبيل المثال تحقيق تحسينات في تسوية المنازعات الجارية حالياً وضمان التطبيق المتسق والمتوازن للمعايير جديدة.
وحول هذه الخطوة المهمة، قال دين كيرن، مسؤول الضرائب والخدمات القانونية في بي دبليو سي الشرق الأوسط: "يجب عدم التقليل من أهمية الإنجاز الذي حققته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. فاليوم وصلنا إلى محطة بارزة في رحلة طويلة وصعبة. فالتغيير لن يحدث بين عشية وضحاها والنجاح في هذه الرحلة يستند إلى الاستمرارية في بذل الجهود وكذلك التزام الحكومات والشركات."
وهناك مخاوف من أن بعض أجزاء هذه الإصلاحات قد تعمل على نحو أفضل من غيرها. ويتوقف الكثير منها على ما إذا كانت الحكومات حول العالم ستقرر تنفيذ هذه التوصيات وكيفية قيامها بذلك. ومن المحتمل أن تكون هناك فترة من الالتباس مع عدم اتساق مسألتي التوقيت والنهج. وبالنسبة للمناطق التي واجهت فيها المنظمة صعوبة في التوصل إلى إجماع، فهناك خطورة تكمن في إمكانية قيام هذه الدول بوضع تدابيرها الخاصة والتي قد تؤدي إلى ظهور تهديد حقيقي يتمثل بمشكلة الازدواج الضريبي للشركات.
وأضاف دين:"يجب أن يتوفر زخم متواصل لمتابعة مخرجات توصيات المنظمة وإذا ما كانت تعمل بشكل جيد وتتطور ولا تقوم في الوقت نفسه بفرض قيود على نمو التجارة العالمية، وذلك تماشياً مع مهمة المنظمة التي تسعى إلى تحقيق هذه النتيجة فحسب."
تأثير التوصيات على الشركات في الشرق الأوسط
حول هذه المسألة، قال ساجد خان، شريك الضرائب الدولية في "بي دبليو سي" الذي ألقى مؤخراً كلمة رئيسية حول " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" أمام السلطات الضريبية في الدول الإسلامية خلال اجتماعها السنوي في الدوحة:"حتماً ستؤثر مقترحات " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" على الشركات الموجودة في المنطقة لا سيما تلك التي تقوم بعمليات في الخارج وكذلك الشركات المحلية ومتعددة الجنسيات العاملة في المنطقة. ومن المرجح أن يتفاجأ العديد من الشركات بالطرق المختلفة التي قد يؤثر بها نطاق هذه التوصيات عليها. ومن المتوقع أن يتسارع اتضاح تبعات التوصيات مع انتقال المشروع الآن إلى حيز التنفيذ."
وأضاف: "من المرجح أن تتأثر معظم الشركات متعددة الجنسيات بطريقة أو بأخرى، وسوف تحتاج الشركات إلى إعادة النظر في طريقة هيكلة وتمويل عملياتها واستثماراتها. فأي اختلال بين تشغيل وإدارة وهيكلة الضرائب قد يؤدي إلى عواقب ضريبية سلبية كمنع تطبيق المعاهدات الضريبية وتسعير التحويل والمراجعة الضريبية والتواجد الخاضع للضريبة بشكل غير متعمد مما يؤدي إلى مخاطر مالية وتهديد لسمعة الشركة. ببساطة، لن يكون بمقدور الشركات العمل كسابق عهدها."
ومن أبرز نتائج مقترحات " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح التي نعتقد أنها ستؤثر على مجتمع الأعمال في المنطقة:
اعتماد مقررات " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" في المنطقة - على الرغم من أن المملكة العربية السعودية هي عضو ضمن مجموعة العشرين (وبالتالي فهي ملتزمة بتنفيذ المشروع)، إلا أن العديد من البلدان الأخرى في المنطقة لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي قد شاركت في إجراءات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بصفة مراقب. وقد تم رصد التطورات الجارية حول مسألة مقررات " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" وبالتالي نحن نعتقد بأنه على الأرجح سيتم اعتماد التوصيات.
متطلبات تقديم التقارير التي تختلف من بلد إلى آخر- تعتبر هذه التقارير من أهم شروط الامتثال الرئيسية لمشروع " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" وقد تؤخذ العديد من الشركات الإقليمية / شركات دول مجلس التعاون الخليجي على حين غرة، حيث سيطلب من أي شركة تتجاوز إيراداتها المجمعة الحد المقترح (وهو 750 مليون يورو- ما قد يشمل عدد من الشركات في منطقة الشرق الأوسط)، ابتداء من عام 2016، جمع المعلومات وتقديم تقارير يتوجب تقديمها إما إلى السلطات الضريبية الخاصة بدولها لتستخدم في التبادل التلقائي أو إلى دولة في الخارج (من قائمة الدول التي تعتمد التقارير التي تختلف من بلد إلى آخر وهي قائمة بدأت تتنامى بوتيرة متسارعة) حيث يكون لديها وجود قانوني. ومن المتوقع أن تبدأ جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومجموعة العشرين (ومن ضمنها المملكة العربية السعودية) باعتماد التوصيات في وقت مبكر. وهذا يعني أنه على شركات الشرق الأوسط التي قد تتأثر بذلك أن تبدأ بمراجعة وتقييم قدرة نظامها وعملياتها الداخلية اليوم لتلبية هذه المتطلبات.
البيئة الضريبية في دول مجلس التعاون الخليجي - على خلفية الانخفاض المستمر في أسعار النفط وجهود التنويع الاقتصادي، ينظر العديد من حكومات دول مجلس التعاون إلى الإصلاح الضريبي كوسيلة لزيادة الإيرادات ونحن نتوقع أن يتسارع هذا التوجه، حيث شهدنا قيام دول مجلس التعاون الخليجي بدراسة مقترحات بشأن إدخال ضريبة القيمة المضافة، وكذلك بدأنا نلحظ تحولاً في موقف السلطات الضريبية بشأن المسائل الضريبية المختلفة مثل وجود الضريبة الافتراضية/ الرقمية وذلك كنتيجة مباشرة لمشروع " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح". ويتضح ذلك مؤخراً من خلال زيادة عمليات تدقيق الضريبية وأسعار التحويل.
الحوكمة الضريبية - يتوجب على الشركات النظر في استراتيجيات الضرائب وأطر إدارة المخاطر إضافة إلى الوظائف الضريبية الداخلية وذلك استعداداً لتوصيات مشروع " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح". وينبغي أن تشارك الإدارة العليا ومجالس الإدارة في الشركات الخليجية عن كثب في اعتماد ومراقبة هذه الاستراتيجيات والأطر الضريبية. ويذكر أنها لم تكن تقوم بذلك من قبل. إن مراجعة " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح" المتعلقة بالهيكليات والترتيبات القائمة يساعد في معالجة أي ثغرات مما سيمكن هذه الشركات من مواجهة أي تحديات ناتجة عن مقترحات مشروع " تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح".