أصبح نمط الحياة الرفاهي للمجتمع المعاصر عاملا مهمًا في رسم ملامح العلاقة بين الجسم والحركة والغذاء، وهناك عدم التزام بالرياضة والحركة والتي تعتبر أحد أعمدة الصحة. وفي ظل غياب الحركة وتوفر الغذاء الغني بالنشويات والسكريات والدهون بات الكثير من الناس حتى من الطبقة الوسطى والفقيرة يعانون من أمراض القلب والسكر وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول بسبب زيادة السمنة وهي أحد مظاهر تغيير النمط الحياتي الى الأسوأ.
وأكد الدكتور سميح لاوند إستشاري أمراض القلب والشرايين التاجية بمستشفى دله، الأستاذ المساعد بجامعة ماكماشتر تورونتو كندا، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الطبية، أهمية الجهود التوعوية التي ينبغي أن تضطلع بها الجهات الرسمية مثل القطاعات الصحية وكذلك منظمات المجتمع المدني من اجل التوعية باتباع نمط الحياة المتوازن.
وقال :" بسبب نقص الوعي الصحي و تبني نمط الحياة المعاصرة, أصبحت أمراض انسداد الشرايين التاجية أكثر شيوعا، وهناك زيادة في أعداد الاطفال الذين يعانون من السمنة وكذلك زيادة في أعداد المصابين بالسكري والكوليسترول والضغط من متوسطي الأعمار، وتعتبر منطقة الخليج إحدى أعلى النسب الموجودة في العالم لهذه الأمراض، حيث تصل نسبة الإصابة بالسكري بين متوسطي الأعمار في المملكة والامارات الى نحو 25-26%، وذلك دون احتساب علاقة السكري بمصابي أمراض الشرايين عندها ترتفع النسبة الى نحو 60-70% ، ما يعني أن من بين كل 10 مرضى يراجعون المستشفى بسبب أزمة قلبية أو التلويح بوجود أمراض الشرايين التاجية وانسدادها يعاني 7 منهم مصابون بمرض السكري".
وعزا الدكتور لاوند اسباب تنامي المرض في منطقة الخليج والمملكة على وجه الخصوص الى قلة الاهتمام بالعلاج الاساسي (Primary Medicine )، وذلك أن المريض يبدأ بمراجعة الاستشاري دون مراجعة الطبيب العام بعكس الغرب حيث أن طبيب العائلة الملم بأمراض كل أفراد العائلة هو الذي يحول المريض الى الاستشاري من خلال طبيب الصحة العام.
وقال:" نجد أن معظم المرضى يراجعون الاستشاري سواءً كانت حالتهم تحتاج أم لا. لا يوجد هناك كشف مبكر وإنما يعتمد المريض على أعراضه والتي تكون في الغالب متأخرة، و نظرا لغياب الرأي الطبي من طبيب العائلة يعتمد المريض على تفسير حالة ضيق في الصدر على أنها حالة نزلة صدرية بينما تكون الحالة في الواقع أزمة قلبية".
وفي إطار التعرف على الشرايين التاجية واحتمالات انسدادها أشار الدكتور لاوند الى اهمية التعرف على عدد عوامل الخطورة عند المريض التي تشير الى احتمالات التعرض لأزمة قلبية التي تزداد طردياً من الناحية الاحصائية. وعند الكشف عن حالة مريض يعاني من ضيق في الصدر يجب النظر أولا الى هذه العوامل المتمثلة في مرض السكري أو ضغط الدم أو الكلسترول أو التدخين، وهل هناك تاريخ عائلي مثل ان يكون أحد أفراد الأسرة من متوسطي العمر قد تعرض لأزمة قلبية أو موت مفاجئ.
وقال:" ترتفع احتمالات وجود مرض أو ضيق مهم في الشرايين التاجية عند اجتماع هذه العوامل و التي تسمى (عوامل الخطورة)، ومن ثم يتم البناء على مثل هذا التوقع. ويعد وجود قصة عائلية مهمة أحد عوامل الخطورة التي تعرض متوسطي العمر وأحيانا الشباب إما الى الوفاة المفاجئة أو التعرض لأزمة قلبية أو جلطة دماغية في سن مبكرة".
وأضاف:"في حال عدم وجود قصة عائلية يتم البحث عن عوامل الخطورة الأخرى مثل السكر أو الضغط أو الكوليسترول أو التدخين وأيضًا النمط الحياتي الذي ومن بينها قلة الحركة و زيادة الوزن لما لها من أثرفي تراكم عوامل الخطورة. و تم تقدير توقعات الخطورة بناءً على دراسات لشرائح المجتمع أدت إلى تصنيف بحصول التقديرات بحصول أزمات قلبية بنسبة 5-7% خلال عشر سنوات يجب أن يتم التفكير في الحلول الناجعة سواء بتغيير نمط الحياة الى الأفضل، إضافة إلى إعطاء الأدوية التي تعمل على ضبط عوامل الخطورة. أما اذا ارتفعت نسبة الخطورة من 15% إلى 20% يجب اعتماد العمل على منع حدوث أزمات قلبية إضافية لمن لديهم نسبة خطورة عالية، وذلك باجراء فحوصات استكشافية للتعرف على حجم المشكلة، والتعرف على نسبة الخطورة سواءً كانت متوسطة أو مرتفعة، ومن ثم إجراء الاختبارات المباشرة من مثل اختبار الجهد بالمادة المشعة ( المسح الذريري)،أو تصوير القلب و الشرايين المقطعي بالمادة الملونة بدون القسطرة، شريطة ان لا يكون المريض يعاني من مشاكل في وظائف الكلى، لأن المادة الملونة قد تسببب تراجعًا في أداء الكلى، رغم ايجابيتها في رسم خارطة طريق دقيقة عن شرايين القلب وتوضيح التضيقات حال وجودها بنسب مئوية ".
وأوضح الدكتور لاوند أنه في حال حدوث أزمة قلبية و تشخيص انسداد حاد للشريان التاجي بالقسطرة المباشرة. و يتم فتح الانسداد بشكل مباشر باستخدام تقنية البالون والدعامات، ووضع الدعامة وهي شبكة معدنية على شكل الشريان بعد اختيار المقاس من قبل الطبيب المعالج. وتعمل الدعامة على تثبيت الفتح وتأمين وصول الدم الى منطقة عضلة القلب التي تم حرمانها منه اثناء الأزمة القلبية الحادة و من الحالات الغير حادة. وبهذه الطريقة يمكن انقاذ المريض وإنهاء الأزمة و التي يجب المبادرة في علاجها خلال زمن قصير من احساس المريض بالالم في الصدر و في حال تأخر المريض في القدوم إلى الطوارئ اكثر من بضع ساعات تزداد الخطورة بشكل متسارع و تقل الفائدة من التدخل .
تجدر الاشارة الى ان مرضى الازمات القلبية الحادة (ACS) نوعان: الأول يعاني من أزمة قلبية جزئية وتسمى بالتعبير العلمي () (NSTEMI وتكون آلام الصدر في هذه الحالة متقطعة. أما النوع الثاني وهو ما يعرف بالأزمة القلبية الحادة واسمها العلمي هو (STEMI) ويكون الألم في هذه الحالة متواصلا وقد لا يتوقف، وكلما كان وصول المريض الى المشفى مبكرا خلال ساعات من ابتداء الألم, كلما كانت فرصة انقاذ حياته أكبر.
و يتوفر في مستشفى دلة كل انواع خدمات القلب المعقدة من اجراءات و قسطرة للشرايين التاجية أو الصمامات, إضافة إلى جراحة القلب على أيدي استشاريين تتطابق مهاراتهم مع المعايير الطبية العالمية، ليواصل في تسجيل الأرقام القياسية في سجل الختصاصات المعقدة، والتي جعلت منه منذ العام 1990 المنشأة الصحية الأولى نتيجة لتميزه في تقديم أفضل خدمات الرعاية الصحية ضمن أعلى معايير الجودة في المملكة العربية السعودية.