القمة العالمية لصناعة الطيران 2016 تناقش التطورات التي يشهدها قانون الفضاء والسياسات والتشريعات ذات الصلة
تعتزم نخبةٌ من الخبراء الدوليين في قطاع الطيران والفضاء مناقشة الملامح متسارعة التغير في السياسات والتشريعات المتعلقة بالفضاء، وذلك خلال فعاليات الدورة الثالثة من القمة العالمية لصناعة الطيران 2016.
وتتواجد اليوم نحو 700 شركةً متخصصةً باستكشاف الفضاء حول العالم، بالمقارنة مع 100 شركة في عام 2011. وتتولى هذه الشركات بناء الصواريخ وتقديم خدمات التخطيط للبعثات الفضائية ومراقبة المخاطر المحدقة بكوكب الأرض. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، تم استثمار 10 مليار دولار أمريكي في القطاع الفضائي الخاص، ويتم الحصول على 75% من تلك الاستثمارات عبر صناديق رأس المال الاستثمارية وشركات الأسهم الخاصة. وفيما يواصل القطاع الفضائي الدولي نموه، تبرز المزيد من الأسئلة حول القوانين والسياسات المتعلقة بالفضاء.
ويتكون إطار عمل القانون الدولي في مجال الفضاء من خمس معاهداتٍ أممية وخمس مجموعاتٍ رئيسية من المبادئ. وتعتبر معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي (معاهدة الفضاء الخارجي)، والتي تعود إلى عام 1967، الوثيقة التأسيسية التي تحكم كافة الأنشطة الفضائية. وتتضمن المعاهدة المبادئ القانونية الأساسية والمبادئ التي تحكم استخدام الفضاء الخارجي؛ ووقعت عليها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وأكثر من 100 دولة أخرى من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويعمل مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي (UNOOSA) على تعزيز التعاون بين الدول وإدارة الانضمام إلى المعاهدات الأممية الخمس حول الفضاء، ويوفر ملتقىً للقضايا القانونية والسياسية ذات الصلة بالفضاء الخارجي. ويعتبر المكتب في فيينا مقراً للجنة الأمم المتحدة حول الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي (COPUOS) التي تعقد اجتماعاتٍ متكررة للجنة القانونية الفرعية كل عام، ويشارك فيها ممثلون عن الدول الموقعة والمنظمات الحكومية الدولية لمناقشة المسائل التنظيمية ذات الصلة بالاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي. وشاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بنشاط في آخر اجتماعات اللجنة الفرعية القانونية في أبريل باعتبارها مراقباً رسمياً.
وتحظر المعاهدة على الدول والأطراف المشاركة وضع أسلحة نووية أو أي أسلحة دمار شامل في مدار الأرض، أو تثبيتها على سطح أحد الأجرام السماوية (مثل القمر والمريخ)؛ كما تنص المعاهدة على أن الأجرام السماوية لا تخضع للتملك الوطني بادعاء السيادة والمطالبة بالموارد السماوية، ووضع مسؤولية وطنية للمشاريع الفضائية الخاصة، أي تلك الأنشطة التي تجريها أطراف القطاع الخاص بدلاً عن الوكالات الحكومية. وفي الماضي، لم يتحقق الكثير من التوافق في الآراء حول آلية تنظيم عمل الشركات الخاصة في الفضاء الخارجي، ولكن ذلك أصبح في الآونة الأخيرة موضع تركيز أكبر في القطاع. وأشار علماء من وكالة ناسا الأمريكية خلال المؤتمر السنوي للمعهد الكندي للتعدين، إلى أن عمليات الاستكشاف عن الأجرام السماوية لا تزال أمراً مستبعداً لسنوات، ولكن ذلك يجب ألا يوقف أعمال وضع اللوائح التنظيمية ذات الصلة.
ودفعت زيادة الاستثمارات والاهتمام في القطاع الكونجرس الأمريكي لوضع أسس خاصة بالتوجهات الجديدة للصناعات الفضائية. وأصدر مجلس الشيوخ مؤخراً قانون استكشاف الموارد الفضائية والاستفادة منها (قانون الكويكبات) الذي يتيح للشركات إمكانية بيع أي موارد مستخرجة من الأجرام السماوية وتوفير معايير قانونية تكفل عدم التدخل في هذه الأنشطة. ويعتبر مشروع القانون أول محاولة وطنية لتنظيم الأنشطة التجارية غير الحكومية المتعلقة بموارد الفضاء. ويخضع قانون الكويكبات حالياً للدراسة القانونية في لجنة مجلس الشيوخ للتجارة والعلوم والتكنولوجيا بهدف ضمان الامتثال مع القانون الدولي. ولم يتم بعد سن قانون الكويكبات حتى الآن، فيما يحرص قطاع الصناعات الفضائية على المضي قدماً في تنظيم الملكية بالولايات المتحدة الأمريكية.
ولطالما كان تنظيم المشاريع الخاصة خاضعاً لصلاحيات الحكومات الوطنية. واقترح البعض أن يتم تعيين لجنة تابعة للأمم المتحدة لوضع قانون خاص بالتعدين الفضائي. وقد يتكون النموذج البديل من مجموعةٍ من الدول التي ترتاد الفضاء، أو من الجهات غير الحكومية المعنية، لإنشاء هيئة فضائية للتحكم وتنسيق الجهود الدولية في الفضاء. ويمكن أن ينظم هذا التحالف الشركات الخاصة ويؤدي المهام الإدارية لأعمال التعدين في الفضاء. ويتجلى الهدف الرئيسي لمثل هذا التحالف في تنسيق الأنشطة الرامية إلى عدم التدخل وتعزيز قطاع الاستفادة من الموارد الفضائية في القطاع التجاري.
وفي هذا السياق، قالت سارة لانغستون، المحامية في مجال الشؤون الفضائية، والرئيس التنفيذي لشركة سينمورف كونسالتينج: "لا تخلو هذه المفاهيم الهيكلية من الصعوبات القانونية، وسواء تم تأسيس تحالفٍ بين الدول أو إقامة اتحاد تجاري خاص، يتعين تحقيق التوافق بين أي هيئة محتملة مع مبادئ والتزامات إطار العمل القانوني الدولي للفضاء بما يتيح لكافة الدول إمكانية الوصول والاستفادة من الفضاء للأغراض السلمية – انطلاقاً من مبدأ أن الفضاء ملكية للبشرية.
وأضافت "من جانب آخر، تواجه الدول الأطراف في اتفاقية تنظيم نشاط الدول على القمر أو الأجسام الفضائية الأخرى (اتفاقية القمر)، ومن بينها أستراليا، قيوداً مفروضة على التعدين واستخدام الموارد الفضائية، حيث تحظر الاتفاقية أنشطة الاستفادة المفرطة من الأجسام الفضائية نظراً لكونها جزءاً من التراث الثقافي للبشر. إنه تمييز قانوني وسياسي جيد".
وكشفت وكالة الإمارات للفضاء مؤخراً عن استراتيجيتها بصورة رسمية. وتم الإعلان عن بدء أعمال الوكالة على تطوير النظم السياسية والقانونية والتشريعية الفضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال ناصر الراشدي، مدير السياسات والتنظيمات الفضائية بوكالة الإمارات للفضاء: "أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية الصناعات الفضائية في مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وتتجلى الأهداف الرئيسية للسياسات والتنظيمات الفضائية في ضمان التوافق مع المعاهدات والأنظمة الفضائية ذات الصلة، وحماية المصالح الإماراتية في الفضاء وضمان التنمية المستدامة في هذا القطاع، فضلاً عن غيره من الصناعات التي تستفيد وتعتمد على تقنيات الفضاء. كما تساعد السياسات في تعزيز تنويع الاقتصاد المتنامي في دولة الإمارات العربية المتحدة".
وبدورها، قالت كارول أندرسون من المعهد الدولي لقانون الجو والفضاء بجامعة ليدن: "من الطبيعي أن تتطور النظم السياسية والقانونية الفضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة استناداً إلى المكانة الرائدة التي تتبوؤها الدولة في العالم العربي في مجال استكشاف الفضاء، وفي ظل قيادتها الحكيمة ذات الرؤية والتفكير المستقبلي. وستسعى لإقامة البيئة القانونية والتجارية الأمثل التي تعتمد عليها الشركات الناشئة والخاصة في مجال استكشاف الفضاء لتعزيز الازدهار في دولة الإمارات العربية المتحدة مع مراعاة واحترام التقدم الذي أحرزته الدول الرائدة في مجال الفضاء على مدى السنوات الـ 50 الماضية".
وتجدر الإشارة إلى أن المشاركة في فعاليات القمة العالمية لصناعة الطيران تقتصر على الجهات المدعوة من القطاع الدولي لصناعة الطيران؛ وتهدف إلى تحديد ومناقشة التغيرات السريعة في مجال السياسة الفضائية وتأثيراتها على الصناعة والعالم. وسيقعد منتدى الفكر الرائد في صناعة الطيران بأبوظبي في عام 2016.