سجلت المملكة تقدمًا ملحوظًا في قطاع الخدمات اللوجستية وفقًا لمؤشر أجيليتي اللوجيستي للأسواق الناشئة لعام 2015 وذلك من بين 45 دولة تضمنها المؤشر لامتلاكها أفضل عوامل توافق السوق أو ما يعني الظروف الأكثر ملائمة لأداء الأعمال وجاءت المملكة - بحسب المؤشر نفسه - من بين أهم 6 دول تصدرت القائمة فيما يتعلّق بعامل الترابط، أو ما يشير إلى تملكها لأفضل بنى تحتية وشبكات للمواصلات من بين الاقتصادات الناشئة الأخرى.
ويأتي تصنيف المؤشر في نسخته السادسة للأسواق الناشئة قياسًا إلى حجم الدول وظروف أداء الأعمال فيها والبني التحتية بالإضافة العوامل التي تجذب الاستثمارات من جانب شركات الخدمات اللوجستية وشركات الشحن الجوي والبري ووكلاء الشحن وشركــات التوزيع. وتتوقع الدراسات الاقتصادية تجاوز أرباح القطاع في المملكة 67.5 مليار ريال بنهاية العام الجاري 2015 وذلك بفعل استمرارية تصاعد الطلب على الخدمات اللوجستية في منطقة الخليج والتي شهدت تناميًا خلال السنوات الماضية, وتشير التوقعات إلى نمو القطاع الخليج بنسبة 6.9% خلال العام الجاري 2015 علاوة على ما يسجله القطاع من نمو على المستوى الإقليمي والعالمي.
ويحظى قطاع النقل في المملكة بأهمية كبيرة من حيث التخطيط والتشغيل والصيانة وذلك من خلال دعم الموانئ الجوية وتطويرها, حيث أصدر مؤخرًا قرارًا يقضي بتحويل مطار الطائف الجديد إلى مطار دولي بالإضافة إلى الجهود المبذولة لدعم وتوسعة الموانئ البحرية والنقل البحري وبناء وتطوير الأرصفة والمحطات المتخصصة في الموانئ مما أحدث نقلة نوعية في أعمال الموانئ.
وتشهد سكة الحديد توسعات كبيرة بما يخلق فرصًا للاستثمارات وتنفيذ مشروعين آخرين هما مشروع الجسر البري بين جدة والدمام ومشروع الخط الحديدي لنقل الخامات المعدنية بين الشمال والجنوب وفي الإطار نفسه تشهد شبكات الطرق والنقل البري تنظيمًا لأنشطتها كشركات نقل الركاب والبضائع والأجرة العامة وتأجير السيارات. وعلى الرغم من تلك الأرقام رأى متخصصون عاملون في قطاع الخدمات اللوجستية في حديثهم لـ «الجزيرة» افتقار المملكة إلى وجود إستراتيجية لوجستية محددة الأهداف لتحقيق توطين الصناعة اللوجستية بأعمالها المختلفة، مطالبين الجهات المعنية بإشراكهم في صناعة القرار لامتلاكهم معلومات تخدم القطاع تستند على دراسات خاصة بعدة مبادرات.
وانتقد الخبير في النقل الجوي الدكتور سعد الأحمد لـ «الجزيرة» أداء الموانئ في السعودية بسبب سوء إدارتها, حيث التكدس والتأخير والبيروقراطية ما نتج عنه تفاديها من قبل المستورد السعودي مؤكدًا عدم امتلاك المملكة حتى الآن لإستراتيجية لوجستية محددة الأهداف لتحقيق توطين الصناعة اللوجستية بأعمالها المختلفة مدللا على ذلك بضآلة ما تعاملت معه الموانئ من حاويات خلال العام الماضي 2014، حيث لم تتجاوز 7 ملايين حاوية في حين تعاملت الإمارات - على سبيل المثال - في العام نفسه مع 16 مليون حاوية, مستدركًا بأن معظم الحاويات التي تصل إلى موانئ الإمارات تشحن برًا من خلال شركات نقل إماراتية إلى وجهتها النهائية في المملكة وبذلك فإن أعمال الشحن والتخزين وحتى النقل تتم في الدول المجاورة.
كما أبدى الأحمد أسفه على فقدان فرص الاستثمار في الشحن الجوي ومرافقه فحال المطارات - بحسب وصفه - ليس بأحسن منه في الموانئ وذلك لوقوعه في المنظومة ذاتها. مقترحًا على التجار إشراك الشباب السعودي في مشاريع تملك وقيادة الشاحنات بأسهم من قيمة الشاحنة والعوائد عوضًا عن مشاريع تملك سيارات الليموزين، مستشهدا بتجربة الولايات المتحدة الناجحة في ذلك, حيث يجني سائقو الشاحنات أرباحًا مرتفعة تحقق لهم حياة كريمة، لافتًا إلى إمكانية تطبيق ذلك في المملكة من خلال شاحنات مجهزة بوسائل الراحة والترفيه لتخفيف أعباء السفر مع وضع ضوابط ومواصفات خاصة ملائمة، مما يسهم في منع الجرائم الأمنية التي تصاحب الشحن عادة كالتهريب.
وعدّ رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري بمجلس الغرف السعودية سعود النفيعي قطاع النقل قطاعًا حيويًا هامًا متماسكًا من أي اهتزازات اقتصادية تؤدي للانخفاض. مؤكدًا لـ «الجزيرة» أن إضافة التخزين والتفريغ «الخدمات اللوجستية» إلى قطاع النقل حسن من أداء القطاع الذي يعيش نموًا متدرجًا يتماشى مع متطلبات السوق السعودي، ما أدى إلى تنامي الشركات المتخصصة بمجال الخدمات اللوجستية والتي تلبي الطلب المحلي والإقليمي.
وحول مشاريع مواقف الشاحنات المنتظر أن تسهم في خلق سوق للخدمات اللوجستية في المملكة اكتفى النفيعي بالقول «سنرى جميعًا ما يسر على أرض الواقع فيما يخص المواقف في مدخل المدن السعودية لضمان انسيابية الحركة المرورية داخل المدن».
وطالب النفيعي الجهات المعنية بإعطاء لجنة النقل مزيدًا من الفرص للمشاركة في صناعة أي قرار أو لوائح وذلك لما تمتلكه اللجنة من خبرة بالإضافة إلى ما تمتلكه من معلومات ودراسات خلصت إليها اللجنة وتم تقديمها في وقت سابق إلى وزارة النقل. منوهًا بوجود دراسات أخرى أوشكت اللجنة الانتهاء من دراستها الدقيقة تتعلق بمبادرات سبق عرضها على المسؤولين والإعلان عنها من قبل اللجنة.
وقدر رئيس مجلس إدارة شركة محطات الحاويات الوطنية NCT بميناء الملك عبدالله المهندس عمار كنعان في منتدى الاستثمار 15 الذي أقيم مؤخرًا في الرياض خلال جلسته الأولى بعنوان «ميناء الملك عبدالله والمركز اللوجستي فرص جديدة على البحر الأحمر» ما يتم تشغيله بقطاع النقل والخدمات اللوجستية في المملكة بالنصف وذلك استنادًا للأرقام السنوية التي تصدرها.
وطالب كنعــان المملكة باستثمار موقعها الجغرافي على البحر الأحمر والمدن الاقتصادية بحيث تصبح مركزًا للنقل اللوجستي مبديًا - في الوقت نفسه - تفاؤله وثقته في مشروع ميناء الملك عبدالله بحيث يسهم خلال الـ 5 سنوات المقبلة بأن تصبح المملكة المركز الأول داعيًا المملكة إلى تطبيق تجربة ميناء الملك عبدالله المتطورة على جميع الموانئ بشكل عام نظرًا للأرقام المشجعة, لافتًا إلى استثمار 300 مليون ريال في القطاع اللوجستي حيث يتعامل الميناء بشكل شهري مع 120 ألف حاوية أي 1.50 مليون حاوية سنويًا, معتبرًا ذلك إنجازًا بحسب المعايير العالمية.