مشروع ضخم لتصنيع الطائرات بتمويل من الصناديق السعودية السيادية
كشف رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية صاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود آل سعود أن المملكة ستتمكن عبر مشروع تطوير وتصنيع وإنتاج الطائرات من تطوير برنامج لإنتاج طائرات انتونوف 32 متعددة الأغراض بحمولة 10 آلاف كيلوجرام وذلك خلال عام ونصف العام.
مؤكدًا أن عملية تصنيعها ستبدأ في أوكرانيا لحين يتم اكتمال التجهيزات في المملكة وإنشاء المنشآت.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته المدينة أمس مناسبة الإعلان عن إنشاء أول مصنع للطائرات في المملكة بالتعاون مع شركة انتونوف، وكشف رئيسها للصحفيين أن سعر الطائرات سيكون أرخص من الطائرات المماثلة لها في الدول الأخرى. وحول تكلفة ومكان تصنيع إنتاج الطائرات أكد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لـ«الجزيرة» أن اتفاق التطوير تم بين المدينة وشركة انتونوف بميزانية محددة لن يفصح عنها الآن مرجعًا سبب ذلك إلى أن المرحلة الثانية وهي مرحلة التصنيع لا تزال تحتاج إلى دراسات جدوى اقتصادية لتحديد المبالغ بشكل دقيق والمنشآت المطلوبة التي ستعمل عليها المدينة بالتعاون مع شركة تقنية للطيران التي ستوفر كل ذلك لافتًا إلى أن تصنيع الطائرات سيكون في واحة التقنية الكبرى في الطائف حيث يوجد مصنع مخصص لهذا الغرض بجوار مطار الطائف الدولي.
وفيما يختص بتوفير التمويل لإنتاج الطائرات من قبل شركة تقنية للطيران أوضح رئيس الشركة اللواء علي الغامدي لـ»الجزيرة» أن الشركة مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة وسيتم دعمها ماليًا من قبل الصندوق بالإضافة إلى الصناديق السعودية السيادية الأخرى.
وحول توفير المواد الخام أكد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن المواد الخام سيتم توفيرها عن طريق شركة تقنية للطيران وشركة التصنيع لاهتمامها بصناعة معادن مهمة تدخل في صناعة الطائرات. وعن أسباب اختيار أوكرانيا لهذه الشراكة أرجع سموه السبب إلى استعداد أوكرانيا على نقل التقنية وهو ما يهم المدينة الآن، لا سيما وأن شركة انتونوف تعتبر ثالث أكبر شركات الطيران في العالم وتصنع أكبر الطائرات في العالم.
مؤكدًا مناسبة أوكرانيا للمدينة لتكون جزءاً من عملية التعاون الذي تسعى له مع الغرب في إنتاج كثير من الصناعات. وأكد سموه للصحفيين أن لدى المملكة خططاً فيما يختص بالعلوم والتقنية الهدف منها نقل المملكة من الاعتماد على البترول كمصدر رئيس للثروة إلى مجتمع واقتصاد قائم على المعرفة؛تكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة تمهيدًا لخروج المملكة من الدول النامية، فهي على الرغم من كونها أحد دول العشرين المتقدمة اقتصاديا إلا أنها لا تزال تعتبر من الدول النامية صناعيًا.
وفي السياق نفسه، كشف سموه للصحفيين عن طموح المملكة حسب الخطط أن تكون بحلول 2025ـ 2030 في مصاف الدول المتقدمة صناعيًا مؤكدًا أن الفترة المقبلة ستشهد تحالفات تقنية صناعية أخرى للمملكة وذلك في مجالات صناعية أخرى سيعلن عنها في حينها. وأعلن سموه أن المملكة ستملك جميع حقوق ملكية التصاميم الهندسية والفكرية لهذه الطائرة وسيتم اختبار هذه الطائرة على أرض المملكة وسيتم إطلاق اسم (AN-132) على الطراز الجديد للطائرة، مبينا أن الطائرة كانت تصنع بتعاون بين شركة انتونوف والجانب الروسي وقد حلت المدينة مع الجهات الأخرى محل الجانب الروسي.
ومضى سموه: المشروع يستهدف الدخول في مجال تصنيع الطائرات ونقل التقنية واكتساب الخبرة من الشركات العالمية لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في تخصصات علوم وتقنية الطيران وذلك عبر العمل والتصنيع المشترك مع الشركات العالمية لصناعة الطائرات. مؤكدًا أنه بموجب هذا التحالف ستقوم المدينة وشركة أنتونوف بتطوير وتحسين أداء الطراز الحالي لطائرة انتونوف (AN-32) إلى طائرة حديثة مزودة بأحدث المحركات والإلكترونيات وقادرة على المنافسة مع مثيلاتها بالاستخدام من حيث معدل استهلاك الوقود وقدرة الإقلاع والهبوط بمختلف البيئات.
وزاد سموه: هذا التحالف سيفتح المجال لنقل التقنيات من كبرى الشركات العالمية في مجال صناعة الطيران مثل شركة برايت اند وتني الأمريكية، والاستفادة من خبرتها في صناعة المحركات مما يزيد من قدرة الطائرة في الحمولة والمدى والإقلاع وتخفيض معدل استهلاك الوقود وتخفيض الصيانة, والتعاون مع شركة هوني ويل الأمريكية المعروفة بما يمكن الكوادر السعودية من تحديث وتطوير قمرة القيادة والملاحة بأحدث أجهزة الاتصالات والإلكترونيات المتقدمة، إضافة إلى ما تم التوصل إليه من اتفاق مع شركة دوتي بروبلرز البريطانية لإضافة بعض التحديثات لتحسين أداء الطائرة، حيث سيتم نقل جميع التقنيات المصاحبة والمعرفة من هذه الشراكات مباشرة إلى المملكة.
وبين سموه بأن تدريب الكوادر السعودية الشابة سيتم على أيدي خبراء صناعة الطائرات بشركة أنتونوف، وذلك لاكتساب الخبرات في هذا المجال وتنمية وصقل مهاراتهم وإمكانياتهم، حيث تم اختياأنتونوف لخبرتها الكبيرة بتصنيع الطائرات كبيرة الحجم ذات التطبيقات المختلفة وستتيح هذه الاتفاقية للطرفين فتح آفاق جديدة للتعاون المستمر في مجال صناعة الطائرات. وأكد سموه أن هذا التحالف يستطيع أن يلبي احتياجات المملكة من طائرات النقل الخفيف بالقطاعين العسكري والمدني وتحديث طائرات الشحن التي تتمتع بقدرتها على القيام بالعديد من المهام اللوجستية من نقل المعدات العسكرية والجنود إضافة إلى مهام الإخلاء الطبي والاستطلاع الجوي.
وأبدى الجانب الأوكراني ممثلا بشركة «انتونوف» ترحيبا بالشراكة التي ستتيح للطرفين فتح آفاق تعاون جديدة في مجال صناعة الطيران والفضاء.
حيث تتمتع «انتونوف» بخبرة طويلة في هذا المجال منذ تأسيسها ف 1946م, وبدأت بتصنيع أول طائرة انتنوف-2 قبل60 عاماً وبعدها بدأت الشركة تصنيع سلسلة طائرات النقل الخفيف (انتونوف –, ,32,26,22,12,8) ثم قامت بتصنيع طائرة النقل الثقيل (انتنوف ,225,178,124,74,70) وطائرات النقل والركاب (انتنوف 74-200,74-100,38,28) وجميع الطائرات أعلاه تستخدم للأغراض المدنية والعسكرية في (78) دولة.
وتابع سموه: وقع الخيار على الطائرة (انتونوف-32) بعد دراسة احتياجات المملكة من طائرات النقل الخفيف للقطاعين العسكري والمدني، ودراسة ما هو متوفر من خيارات، قادت في نهاية المطاف إلى اختيار هذه الطائرة، على أن يتم تطويرها لتفي بمتطلبات المملكة ومنظمات الطيران العالمية، حيث تتمتع الطائرة بقدرتها على القيام بالعديد من المهام منها نقل المواد والعتاد، ونقل الركاب والجنود، والقفز المظلي، والإخلاء الطبي، والاستطلاع الجوي والبحري وغيرها من المهام العسكرية والمدنية، وقد أثبتت جدارة في إنجاز المهام لدى عدة دول مالكة للطراز القديم منها، كما أن قدرة الطائرة على الهبوط على مدارج غير معبدة من أبرز مميزات الطائرة التي تفتقر لها العديد من طائرات النقل الأخرى.
يذكر أن شركة تقنية للطيران هي إحدى شركات الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني (تقنية)، وهي مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، الذي يشرف عليه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد وزير الدفاع، وتعمل الشركة على نقل وتطوير واستثمار التقنية في مختلف المجالات في المملكة لدعم وتطوير الاقتصاد الوطني.