اتفاق على تفعيل الاستثمارات البينية العربية ودعوة الحكومات لإزالة قيود التبادل التجاري
استضاف مجلس الغرف السعودية الأربعاء 8 أبريل الحالي فعاليات أعمال الدورة (118) لاجتماعات مجلس اتحاد الغرف التجارية والصناعية العربية، والتي شارك فيها عدد كبير من رؤساء الغرف التجارية والصناعية في البلدان العربية ، وتحدث في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة رئيس الاتحاد العام للغرف العربية محمدو ولد محمد محمود مقدماً شكره للمملكة على استضافتها للاجتماع الذي قال بأنه يدرس قضايا هامة تخص اتحاد الغرف العربية والغرف العربية المشتركة والعمل العربي المشترك الذي اثبت قوة تضامنية كبيرة مشيراً لتزامن الاجتماع مع تطورات ومتغيرات استثنائية تعيشها المنطقة العربية تتطلب أن يلعب القطاع الخاص العربي دوراً فاعلاً في العمل العربي والاقتصادي المشترك.
فيما لفت رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالرحمن الزامل للحراك التنموي الذي يقوده القطاع الخاص العربي في المنطقة رغم المعوقات وما يتطلبه هذا الوضع من تعزيز التعاون وتقديم مزيد من التضحيات ، مشيراً للبيئة الاستثمارية في المملكة واستيعابها للاستثمارات الأجنبية والعربية ، ودعا لضرورة الاستفادة من التجارب العربية الرائدة في مجال تحسين البيئة الاستثمارية وتعميمها على بقية الدول للإفادة منها.
من جهته بعث معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف بن أحمد العثمان في كلمته أمام الاجتماع برسائل هامة مفادها أن مجالات التعاون بين القطاع الخاص في الدول العربية أمامها فرص كبيرة للاستفادة من الخبرات وعقد الشراكات وتأسيس كيانات اقتصادية مشتركة عابرة لحدود المنطقة العربية ولجعل القطاع الخاص العربي منافساً مؤكداً أهمية الترابط الاقتصادي في تعزيز الترابط السياسي ، كما شدد على أهمية الاستثمار وتحسين بيئته معتبراً أن الدول التي نجحت في صنع قفزات تنموية كبيرة هي تلك التي اهتمت بوضع سياسات استثمارية منافسة ، مشيرا لوجود الفرصة لتبني مبادرات محددة في قطاعات اقتصادية عربية ذات قيمة مضافة لدفع الاستثمار تجاهها .
وقال " العثمان" أن المملكة تنعم باستقرار سياسي واقتصادي وتحتل المركز الرابع عالميا من حيث قوة الاقتصاد الكلي والمركز الثالث في مؤشر دفع الضرائب كما يتمتع المستثمرون فيها بالعديد من الحوافز مثل تمويل صندوق التنمية الصناعي للمشاريع الصناعية بما يصل إلى 50% من تكلفة المشروع وبفترة سداد تصل إلى 20 عاماً ويصل مبلغ القروض إلى 240 مليون دولار ، موضحاً أن تلك الحوافز تبعها تطوير مستمر للأنظمة والتشريعات وتسهيل للإجراءات وإزالة المعوقات التي تواجه المستثمرين وقد بلغ إجمالي أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة حوالي 208 مليار دولار حتى نهاية 2014م كما ارتفع الإنفاق الحكومي العام إلى حوالي 300 مليار دولار تولد فرصاَ استثمارية ضخمة. وأضاف بأن المملكة تقوم بإعداد خطة استثمارية موحدة لكل قطاع من القطاعات المستهدفة بالتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والجهات ذات الصلة لجعل تلك القطاعات تنافسية ، ففي قطاع الرعاية الصحية تنفق المملكة نحو 20 مليار ريال سنوياً وقد حددت الخطة الاستثمارية للقطاع 40 فرصة استثمارية واعدة بقيمة 71 مليار دولار ، أما في قطاع النقل فحددت الخطة الاستثمارية نحو 36 فرصة استثمارية تصل قيمة استثماراتها نحو 25 مليار دولار.
وكشف عن مراجعة الهيئة العامة للاستثمار لمدى مساهمة المنشآت الأجنبية في الاقتصاد السعودي وتأسيس لجنة للبت في طلبات الترخيص وتطوير آلياته وذلك عبر مسار مميز للمشاريع المميزة ومعالجة التراخيص المخالفة للأنظمة والحد من الاستثمارات متدنية القيمة ، مؤكدا ترحيب الهيئة بالاستثمارات من الشركات العربية الرائدة التي تسهم في نقل الخبرات وتوطينها وتشغيل المواطنين السعوديين وتساهم في تدريبهم وتأهيلهم .
ودعا " العثمان" لتعزيز الاستثمارات العربية البينية من خلال عمل تكاملي وتفعيل اتفاقية انتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية التي صادقت عليها المملكة وعدد من الدول وقد دعت المملكة بقية الدول للمصادقة عليها لما لها من أثر متوقع في تعزيز البيئة الاستثمارية في الدول العربية وجذب مزيد من الاستثمارات بجانب دورها في تسوية منازعات الاستثمار.
من ناحية ثانية أشار بيان صادر عن اجتماع مجلس الاتحاد العام للغرف العربية أن الاجتماع اطلع على دراسة معمقة أعدّتها الأمانة العامة للاتحاد عن التطورات والتحولات الاقتصادية المعاصرة في العالم والمنطقة وانعكاساتها على اقتصادات الدول العربية. وقد أوضحت الدراسة أن النمو الاقتصادي للعالم العربي من المقدّر أن يبلغ 1.2% للعام 2014 و2.5% للعام 2015 و3% للعام 2016 و3.5% للعام 2017. كما أوضحت أن أهم التحديات التي تعترض عملية النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية تتمثل في تزايد المخاطر الجيوسياسية على مستوى المنطقة، واستمرار أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، وحدوث هزات في أسواق العملات وخصوصاً الأسواق الصاعدة من جراء ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، وتراجع أسعار النفط بشكل كبير، وتصاعد درجة الحماية التجارية العالمية.
وناشد اتحاد الغرف العربية في بيانه الحكومات العربية وجامعة الدول العربية بضرورة الإسراع في إزالة القيود التي تعترض التبادل التجاري بين الدول العربية لرفع معدلاته إلى أعلى من المستوى الراهن البالغ نحو 13%، وأيضاً إزالة القيود التي تعترض التبادل الاستثماري بين هذه الدول، وإقرار اتفاقية عربية موحدة لتأشيرات الدخول تراعي الاحتياجات الواقعية لتأمين الانسيابية والسهولة لحركة أصحاب الأعمال والمستثمرين العرب،وضرورة تحرير تجارة الخدمات وضمّها إلى منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، التي من شأنها رفع درجة التبادل التجاري في السلع والخدمات بين الدول العربية إلى أكثر من 40%، وتمهيداً لإقامة الاتحاد الجمركي ومن ثم السوق العربية المشتركة.
وثمن الاتحاد القرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربيّة، الذي عقد أخيراً على مستوى الرؤساء في مدينة شرم الشيخ – جمهوريّة مصر العربيّة، ولا سيّما إنشاء القوّة العربيّة المشتركة ومهمّتها الدفاع عن مصالح الدول العربيّة.
وعبر الاتحاد في بيانه عن الم وحزن عميقين لما آلت إليه الأوضاع في الجمهورية اليمنية الشقيقة نتيجة التمرّد المسلّح على الشرعية الدستورية وعلى نتائج الحوار اليمني الوطني، وهو التمرّد الذي أصبح يشكّل خطورة بالغة على وحدة اليمن شعباً وأرضاً وعلى أمن واستقرار المنطقة، الأمر الذي لم يترك لدول هذه المنطقة خياراً سوى التصدّي لهذا التمرّد بإجماع وتحالف في المنطقة ، وحيا التحالف العربي والدولي الذي تقوده المملكة العربية السعودية بشجاعة وحنكة لحماية اليمن والشعب اليمني من التمزّق وحماية المنطقة من الفوضى، وصون كرامة الأمة واستقلالية قرارها، ودعا كافة الأطياف السياسية والاجتماعية اليمنية للعودة إلى المبادرة الخليجية والحوار الوطني تحت ظل الشرعية لبدء مرحلة يمنية تنموية بإذن الله.
كما أعرب عن أسفه للظروف القاهرة التي تمرّ فيها كل من سوريا وليبيا، ويأمل المجلس بأن تنتهي هذه المأساة في القريب العاجل، بما يمكّن البلدين العربيين الشقيقين من الخروج من هذه المحنة واستعادة عافيتهما لما فيه من خير لهما وللدول العربية جميعها.
ونوّه المجلس بالنجاح الذي حققه مؤتمر "مستقبل مصر الاقتصادي" الذي عقد منتصف شهر آذار (مارس) المنصرم في مدينة شرم الشيخ، تحت رعاية وحضور الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، وكبار القادة والرؤساء والملوك العرب، والذي أسفر عن توقيع اتفاقيّات استثماريّة ضخمة، كما نوّه بالدور المهم والحيوي للقطاع الخاص في عملية نمو وتنمية الاقتصاد المصري.
وتوجّه المجلس، بجزيل الشكر إلى رئيس دولة الإمارات العربيّة المتحدة، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيّان، على رعايته للمؤتمر السابع عشر لأصحاب الأعمال والمستثمرين العرب، المزمع عقده خلال الفترة 16-17/11/2015 في أبو ظبي، دولة الإمارات العربية المتحدة. كما توجّه بالشكر إلى معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد على الدعم الذي يقدّمه لهذا المؤتمر ، حاثا الغرف العربية واتحاداتها وأصحاب الأعمال والمستثمرين في الدول العربية على المشاركة في هذا المؤتمر من أجل الاطلاع عن كثب على التطورات الاقتصادية المهمة والفرص الاستثمارية الواعدة في الدولة.
وفي بيانه حث المجلس رؤساء وأعضاء الغرف العربيّة واتحاداتها وأصحاب الأعمال والمستثمرين العرب، على المشاركة بكثافة، في فعاليّات الدورة السادسة للمؤتمر الاقتصادي العربي – الصيني، الذي من المقرر أن يعقد في مدينة بيروت خلال الفترة ما بين 26-27 أيّار (مايو) المقبل. وشدد المجلس على أهميّة نجاح هذا المؤتمر، وضرورة بناء أفضل العلاقات مع الجانب الصيني، نظرا لما تمثّله اليوم الصين من قوّة اقتصاديّة كبيرة على المستوى العالمي وشريك إستراتيجي للدول العربية.