أطلقت المملكة العربية السعودية في عام 2021 برنامج التحول في القطاع الصحي لتيسير الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية مقبولة التكلفة وتحديث المرافق الصحية وتعزيز استثمارات القطاع الخاص، تماشياً مع رؤية المملكة 2030. ويشير تقرير مؤشر الصحة المستقبلية من فيليبس لعام 2023 إلى النجاحات التي حققها هذا البرنامج. ويستند التقرير إلى أبحاث شملت حوالي 3,000 من قادة الرعاية الصحية وفئة الشباب من أخصائيي الرعاية الصحية في 14 دولة، بما فيها المملكة العربية السعودية.
ويكشف تقريرفيليبسعن قصة للتحول التدريجي في مشهد الرعاية الصحية في المملكة. وتتميز هذه الرحلة بالالتزام الثابت بالابتكار والتطور الرقمي. في جوهر الأمر، تعمل المملكة العربية السعودية بنشاط على تشكيل مستقبل الرعاية الصحية. ويسلط التقرير الضوء على مجالات التركيز المهمة لقادة الرعاية الصحية والتي ستساعدهم على تعزيز تقديم الرعاية وزيادة الكفاءة داخل مرافقهم.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال محمد مصطفى، المدير العام للأنظمة الصحية في شركة فيليبس الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا: "تشهد السعودية زيادة في الإقبال على النموذج القائم حول توفير أفضل تجربة للمرضى، وينعكس هذا التوجه التقدمي بوضوح في اعتماد القطاع الصحي في المملكة على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتزامه بمبادئ الاستدامة. ويكشف التقرير أن المنظومة الصحية في المملكة ترتكز على الابتكارات التقنية والشراكات الاستراتيجية والالتزام بالمسؤولية البيئية، وذلك بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تركز على الارتقاء بقطاع الرعاية الصحية من خلال الاعتماد على أحدث التقنيات المتطورة لتحسين نتائج المرضى".
ويشير التقرير إلى أن 63% من قادة الرعاية الصحية في السعودية يستخدمون أو يخططون لاستخدام تقنيات الرعاية الصحية الرقمية في عام 2023. ويقوم حالياً 77% من قادة القطاع بالاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي، ما يمثل زيادة كبيرة عن نسبة 46% المسجلة في عام 2022، كما يقدم 73% منهم شكلاً من أشكال الرعاية الافتراضية. ويسلط التقرير الضوء بشكل خاص على أهمية التكنولوجيا في تخفيف الأعباء على العاملين في قطاع الرعاية الصحية الذين يعانون من مستويات عالية من الإجهاد والإرهاق مقارنةً بالعاملين في قطاعات أخرى، وهو ما يسفر عن حدوث نقص في الموظفين وحالات انعدام الكفاءة. ويُسهم استخدام التكنولوجيا ضمن عمليات معالجة البيانات الصحية وإدارة سجلات الزوار في أتمتة المهام الروتينية، مما يتيح للعاملين التركيز على المهام الأساسية مثل تقديم الرعاية. ووفقاً للتقرير، يُساعد اعتماد مثل هذه الممارسات في قطاع الرعاية الصحية في السعودية على تعزيز مستويات الإنتاجية والرضا بين العاملين في القطاع، مما يحسن مستويات استقطاب المواهب والحفاظ عليها، ولا سيما المواهب الشابة التي يشير التقرير إلى تنامي مشاركتها في رسم ملامح مستقبل القطاع.
وفي معرض حديثه إلى عين الرياض، أشار السيد محمد مصطفى إلى أن التحولات التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية في المملكة تشكل خطوة مهمة في سبيل اعتماد نماذج صحية تركز على المرضى، حيث أضاف قائلاً: "تتماشى هذه الزيادة في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي مع رؤية المملكة الرامية إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة لإحداث نقلة نوعية في مشهد الرعاية الصحية الوطني. وتؤكد أهداف المملكة في هذا المجال، مثل تعزيز سلامة المرضى وتوفير الرعاية الصحية بأسعار معقولة وتقديم قيمة عالية مقابل المال، على التزامها الراسخ في دفع عجلة الابتكار في قطاع الرعاية الصحية".
أخصائيو الرعاية الصحية الشباب يقودون دفة التحول التقدمي في القطاع
يتجه الأخصائيون الشباب في قطاع الرعاية الصحية في المملكة نحو اعتماد النماذج المتمحورة حول المرضى لعدة من الأسباب الوجيهة، ومن أبرزها أن مثل هذه النماذج تعزز ثقافة المرضى وتضمن أعلى معايير الامتثال للبروتوكولات العلاجية، بالإضافة إلى دعم الجهود التعاونية مع المجتمعات المحلية وتعزيز طرق تقديم خدمات الرعاية، وذلك من خلال قابلية نقل البيانات وأدوات التشخيص المتقدمة والحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي. وبالتالي، أكد حوالي 35% من الأخصائيين الشباب أن اختيارهم العمل في مرافق الرعاية الصحية يعتمد على توفر طرق متقدمة لتقديم خدمات الرعاية المتصلة مع وجود مسارات علاجية مبسطة. كما أشار نحو 34% من المشاركين إلى الإجابة نفسها حول استخدام المرفق الصحي لحلول الذكاء الاصطناعي لتحسين المهام اليومية.
وتشكل الشراكات أيضاً أحد أبرز توجهات الأخصائيين الشباب في قطاع الرعاية الصحية، وهو ما أكده محمد مصطفى عندما أشار إلى أن حوالي 46% من قادة قطاع الرعاية الصحية في المملكة يقيمون شراكات مع شركات التكنولوجيا الصحية، حيث قال: "يسلط تقرير مؤشر الصحة المستقبلية الضوء على أهمية التعاون بين قادة قطاع الرعاية الصحية والأخصائيين الشباب من أجل ابتكار نماذج جديدة لتقديم خدمات الرعاية. ويكتسب هذا التعاون أهمية بالغة من أجل تلبية الاحتياجات والتوقعات المتطورة للمرضى في مرحلة ما بعد أزمة كوفيد-19. ويتيح توحيد الجهود بين القادة الخبراء والأخصائيين الشباب وضع منهجية راسخة تسهم في إحداث نقلة نوعية في جودة تقديم خدمات الرعاية الصحية".
كما يشير تقرير فيليبس إلى مدى أهمية مثل هذه الشراكات في تطوير نموذج رعاية صحية يضمن تحقيق مصالح جميع الجهات المعنية. وتساعد الشراكات وغيرها من أشكال التعاون، لا سيما بين الهيئات الحكومية ومزودي خدمات الرعاية الصحية، في وضع وتطبيق المعايير والحوافز المشتركة اللازمة لردم الفجوات الموجودة في خدمات الرعاية الصحية. كما يضمن التعاون مشاركة المعلومات بطريقة سلسة في مختلف مجالات قطاع الرعاية الصحية، مما يضمن تحقيق نتائج إيجابية للمرضى والأخصائيين الطبيين والجهات المعنية الأخرى. وأضاف محمد مصطفى أن التنسيق ضمن القطاع يمكن أن يدعم الابتكارات المستدامة ويسرّع من جهود إزالة الكربون في مرافق الرعاية الصحية. وقال محمد مصطفى: "ستشكل النتائج السريرية والاقتصادية لنماذج خدمات الرعاية الدافع الرئيسي لعملية التحول نحو اعتماد حلول الذكاء الاصطناعي".
إضفاء الطابع المؤسسي على الاستدامة في قطاع الرعاية الصحية السعودي
يمثل التركيز المتزايد على الاستدامة في قطاع الرعاية الصحية السعودي إحدى أبرز النتائج التي أفضى إليها تقرير مؤشر الصحة المستقبلية من فيليبس، حيث أشار حوالي 36% من قادة الرعاية الصحية في المملكة إلى سعيهم لوضع أهداف خاصة بالاستدامة وقياس مستوى التقدم المحرز وزيادة عدد الموظفين من أصحاب المهارات الخاصة لمواجهة التحديات التي تعيق تنفيذ مثل هذه المبادرات. وأكد محمد مصطفى أن إدراك السعودية لأهمية الاستدامة البيئية يعكس مواكبتها لتوجهات الرعاية الصحية العالمية، فضلاً عن كونها مثالاً يحتذى به في هذا المجال.
وأضاف محمد مصطفى: "يرسخ التركيز على مجالي التكنولوجيا المتقدمة والاستدامة مكانة السعودية في طليعة قطاع الرعاية الصحية العالمي في المستقبل. وساهمت فيليبس من جهتها بدورٍ فعال في مشهد الرعاية الصحية في المملكة على مدار التسعين عاماً الماضية. ونؤكد من جديد التزامنا برؤية المملكة 2030، بما يتماشى مع رسالتنا الأوسع المتمثلة في الابتكار من أجل عالم أكثر صحة واستدامة. ويتمحور دورنا في الرؤية الطموحة حول مواصلة تقديم أفضل الابتكارات التي تضمن توفير رعاية عالية الجودة وتساهم في تطوير قطاع الرعاية الصحية في المملكة.
ويستمد محمد مصطفى نظرته الإيجابية من واقعٍ يكشف عن تخطيط 96% من قادة الرعاية الصحية لتوسيع استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي، في ارتفاع عن نسبة 66% المسجلة في عام 2022، مما يشير إلى تحول جذري في إدراك أهمية الذكاء الاصطناعي خلال فترة قصيرة. ولعبت مبادرات رؤية المملكة 2030، مثل برنامج التحول في القطاع الصحي، دوراً أساسياً في رسم ملامح مثل هذه المفاهيم. ويضمن تعزيز الطابع المؤسسي ترسيخ مكانة المملكة في طليعة مشهد الرعاية الصحية العالمي سريع التغير.