أكد الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال مجيد جعفر أن الغاز الطبيعي عنصر رئيسي في عملية تحول الطاقة في الدول النامية، موضحاً أن هذه الدول بحاجة ملحة إلى تعزيز الاستثمارات في مشاريع الغاز لتتمكن من البدء بهذا التحول، جاء ذلك في كلمة جعفر الرئيسية أمام الحضور في جمعية عاصمة الطاقة العالمية WECA في لندن يوم الإثنين.
وألقى جعفر كلمته الرئيسية في الجلسة الافتتاحية للجمعية التي حضرها أكثر من 500 تنفيذي ومستثمر من قطاع الطاقة، وأبرز فيها أهمية الغاز كمحرك لمسارات تحول الطاقة، وكشف عن مجموعة من الإنجازات الرئيسية التي حققتها نفط الهلال على صعيد الاستدامة.
قال جعفر: "ارتفاع تكاليف الطاقة وعدم توفر الموارد واستدامتها ثلاثة جوانب لمعضلة الطاقة في العالم والتي أضحت التحدي الأكبر للإنسانية بأكملها، ويتطلّب حلّ هذه المعضلة التعاون والتنسيق ما بين واضعي السياسات والمستثمرين وقطاع الطاقة. وما يزيد إلحاح هذه المهمة أن الطلب العالمي على الطاقة سيرتفع بحلول منتصف القرن بنسبة 50% مع النمو السكاني العالمي المتوقع من 8 مليار نسمة إلى نحو 10 مليارات."
ويشار إلى أن WECA هي الفعالية الرئيسية لمجلس الطاقة، و الشبكة العالمية الرائدة التي تجمع أكثر من 100 ألف تنفيذي ومختص من قطاع الطاقة من جميع أنحاء العالم لتكون حلقة وصل بين تنفيذيي الطاقة ومجتمع الممولين والمستثمرين بهدف توفير المصادر التمويلية الداعمة لقطاع الطاقة العالمي.
الغاز الطبيعي طريق رئيسي نحو الاستدامة
و أبرز مجيد جعفر في تصريحاته أن الدول النامية تحتاج إلى الدعم الذي يساعدها على تقليل انبعاثاتها ويمكنها بالتالي من التقدم، وليتحقق ذلك، من الضروري لواضعي السياسات أن يتحرروا من فكرة أن تضييق سبل الوصول إلى إمدادات الطاقة أو الحد من الاستهلاك ببساطة هو السبيل للتقدم، فتبني الغاز الطبيعي مع الطاقة المتجددة في الدول النامية هو في الحقيقة الطريقة الأمثل للتخلص من الانبعاثات الكربونية بسرعة وبتكاليف معقولة. أما إن استمر السعي إلى تثبيط جهود تطوير الغاز واستخدامه، سيضطر الجنوب العالمي إلى اللجوء إلى مصادر وقود أقل تكلفة ولكنها أكثر تسبباً بالانبعاثات، وتحديداً الفحم أو حتى الكتل الحيوية مثل الخشب.
أضاف جعفر: "من الضروري جداً توفير الاستثمار المستدام والكافي للحفاظ على مستويات الإنتاج التي ستمكن الدول النامية من الخروج من تحت براثن فقر الطاقة والتحرك نحو تقليل الانبعاثات وصولاً إلى النمو والتقدم. إن استبدال الطاقة العالمية المشغلة بالفحم بالغاز الطبيعي لوحده كفيل بتقليل انبعاثات الكربون على مستوى العالم بنسبة 15% عبر استثمار بقيمة ترليوني دولار."
وأوضح جعفر أنه على خلاف مشاريع النفط التي تستحوذ عليها شركات النفط الوطنية عموماً، يعتمد الغاز الطبيعي اعتماداً كبيراً على شركات الإنتاج الخاصة التي تخدم الأسواق المحلية، وتحتاج هذه الشركات بدورها إلى استثمارات القطاع الخاص برؤوس أموال غربية.
وتابع: "يتطلب التغيير المستدام رغبة صادقة من الغرب بالدعم وجهوداً فعلية تحترم احتياجات الدول النامية وتسعى إلى تلبيتها بالالتزام بالتعهدات التمويلية المناخية وتوفير رأس المال والدعم الفني."
إنجازات على صعيد الاستدامة
وألقى جعفر الضوء في حديثه على التزام شركات إنتاج النفط والغاز المسؤولة بتقليل انبعاثاتها وإنتاج الطاقة بأساليب أنظف وأكثر مراعاة للمناخ، وأشار في هذا السياق إلى النجاحات التي أحرزتها نفط الهلال في هذا الخصوص لتغدو في طليعة مسارات الاستدامة عبر القطاع.
وأعلن جعفر عن مجموعة من الإنجازات العظيمة التي حققتها نفط الهلال على صعيد الاستدامة، إذ خفضت الشركة كثافتها الكربونية إلى 6.0 كغ من ثاني أكسيد الكربون المكافئ لكل برميل نفط مكافئ، وهو أقل معدل محقق على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأقل من نصف متوسط القطاع، مع تعويض الانبعاثات المتبقية للحفاظ على الحيادية الكربونية للشركة للسنة الثالثة على التوالي منذ 2021. وقللت نفط الهلال أيضاً الإحراق الكلي وتسريبات الميثان بنسبة 31% مقارنة بعام 2021، فأصبحت تشكل 0.12% فقط من إجمالي الإنتاج، فضلاً عن تقليل النفايات بنسبة 90%.
وجدير بالذكر أن مجيد جعفر كان قد أُدرِج الشهر الماضي ضمن قائمة "أبطال الاستدامة المئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" التابعة لفوربس ميدل إيست. قال جعفر: "التزامنا بمبادرة صفر انبعاثات الميثان هو ثمرة سنوات من الجهود المكرسة للحد من الانبعاثات والتخلص من تسريبات الميثان وتحقيق الحيادية الكربونية."
وأضاف: "اتخذنا الاستدامة عماداً لأعمالنا منذ تأسيسنا في 1971، وكنا رواداً في تطوير موارد النفط والغاز الغنية في الشرق الأوسط، وكنا دائماً على يقين بأهمية تقليل الانبعاثات المتسربة، ليس فقط لأنه واجبنا تجاه الوطن والمجتمع، بل لأنه يخدم صالح الأعمال أيضاً. يؤكد التزامنا بمبادرة المناخ لشركات النفط والغاز عزمنا على العمل بمسؤولية وأن نكون نموذجاً يحتذى به في سياق تحول الكربون الذي يُعتبر الغاز الطبيعي فيه مورداً رئيسياً للطاقة."
وفي سياق آخر، كشف جعفر عن انضمام نفط الهلال إلى مبادرة "هدف صفر انبعاثات الميثان" التابعة لمبادرة المناخ لشركات النفط والغاز، مؤكداً التزامها بالتخلص من انبعاثات الميثان عبر عملياتها بحلول 2030. ويعزز هذا التعهد جهود نفط الهلال المتواصلة للحد من انبعاثات الميثان من عملياتها والتقليل من الكثافة الكربونية الكلية، التي جعلتها من أوائل شركات النفط والغاز الأولى التي تحقق الحيادية الكربونية.
تهدف مبادرة "هدف صفر انبعاثات الميثان" التابعة لمبادرة المناخ لشركات النفط والغاز إلى القضاء على البصمة الميثانية لقطاع النفط والغاز بحلول 2030. ورغم أن انبعاثات الميثان تشكل 30% من انبعاثات الغازات الدفيئة، ضررها في الحقيقة أشد ب25 ضعفاً من ضرر ثاني أكسيد الكربون على تغير المناخ، لذا قد يكون تأثير الحد من انبعاثات الميثان أقوى في خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
وجدير بالذكر أن نفط الهلال كانت قد بدأت في 2021 حملةً لإدارة الانبعاثات المتسربة في محطتها لإنتاج الغاز في خور مور باستخدام تكنولوجيا فوروورد لوكينغ إنفراريد FLIR ترصد بالضبط مواطن التسريب لتحدد الإجراءات اللازمة لمعالجتها عبر المحطة. وقد نجح هذا البرنامج في خفض انبعاثات الميثان المتسربة بنسبة 42%، ويطمح إلى التخلص التام من انبعاثات الميثان بغضون سنوات.
مؤتمر الأطراف كوب28 في الإمارات
وأشار جعفر أيضاً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستكون جسراً محورياً بين الدول النامية والمتقدمة من خلال استضافتها لمؤتمر الأطراف كوب28 في وقت لاحق الشهر الحالي، مؤكداً أن الإمارات هي المكان الأمثل لعقد مثل هذا المؤتمر، سيما وأن الدولة تمتلك الموارد اللازمة من تمويل وطاقة شمسية قليلة التكلفة، وهي رائدة عالمياً في مجال الاستثمار في الطاقة الخضراء، وتحدث عن خطط الدولة باستثمار 54 مليار دولار في الطاقة المتجددة بحلول 2030.
وقال جعفر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تطمح باستضافتها لمؤتمر الأطراف كوب28 إلى أن تكون منصة عالمية جامعة تتعاون في كنفها الحكومات والقطاع الخاص والأعمال والمجتمع المدني، وأهم ما في ذلك مشاركة جميع قطاعات الطاقة والصناعات الأكثر تسبباً بالانبعاثات مثل الطيران وصناعة الحديد والإسمنت والزراعة.
وفي حديثه عن سياسات المناخ، أضاف جعفر: "من الضروري مراجعة السياسات المناخية بصورة تراعي احتياجات الدول النامية تماماً كما تهتم بمتطلبات العالم الغربي. وهذا ما يجعل من مؤتمر كوب28 في دبي هذا العام مصدر أمل سيثمر عن التغيير المنشود ويحرك مسارات العمل المستدام، ونتطلع إلى الترحيب بكم جميعاً هناك."
وأكد جعفر أهمية القطاع الخاص في هذا السياق إذ قال: "من واجب القطاع الخاص تحري أفضل السبل والحلول التجارية التي تعالج المعضلة الثلاثية وتحقق الأهداف التي ستكون آثارها بالغة على كوكبنا."
***انتهى***