أجمع أبرز قادة قطاع إدارة الثروات السيادية في العالم، على أن صناديق الثروة السيادية، بإمكانها خلق تغييرات ملموسة في المجتمعات، أو زعزعت مسيرة الاقتصادات المحلية في أي دولة، معتبرين أن ذلك أشبه بالسلاح ذو الحدين، يمكن الاستفادة منه حسب اسلوب التعامل معه.
وتستحوذ صناديق الثروة السيادية حول العالم، على أكثر من 7.3 تريليون دولار أمريكي من الأصول الخاضعة للإدارة. وعلى الرغم من الاختلافات بين الصناديق السيادية على مستوى المهمة والأهداف، إلا أنها جميعاً تدرك أن هذا هو العصر لتحقيق المزيد من التعاون وتعزيز الشراكات.
وأشار المتحدثون خلال الجلسة النقاشية إلى أن الوتيرة السريعة للتغيرات الاقتصادية حول العالم، أدت إلى مزيد من التقارب بين الصناديق في مجالات جديدة للاستثمار، فبعد التركيز تقليدياً على الاستثمار محلياً في مشاريع ذات أثر فوري ملموس، كتطوير البنية التحتية مثلاً، فإن صناديق الثروة السيادية تعمل اليوم على التوسع في إستراتيجياتها، كما تعمل في المنطقة على تنويع الاقتصاد، بعيداً عن النفط والاستثمار في قطاعات وتقنيات جديدة.
وأكد معالي الأستاذ ياسر بن عثمان الرميان، المشرف على صندوق الاستثمارات العامة، على تغيير الاستراتيجية الاقتصادية في السعودية خلال السنوات الأربع الماضية، من التركيز على جانب التنمية، إلى الإقدام على نطاق واسع من الاستثمارات.
وقال الرميان في هذا الصدد "نحن الآن ننظر إلى الاستثمار بطريقة جديدة كلياً، ولاسيما مقارنة بإستراتيجية الاستثمار التي كانت متبعة خلال 40 عاماً مضت، فلا بد أن تكون الاستثمارات قادرة على النجاح على مستوى تجاري".
كما أكد المتحدثون على أن دور صناديق الثروة السيادية يشهد تحولاً في الآونة الأخيرة، فدوره لا ينحصر في الحفاظ على ثروة الدولة، بل يتعدى ذلك إلى توجيه الاستثمارات من أجل دعم تحول الاقتصادات الوطنية. وتطرقوا إلى تزايد دور الأسهم الخاصة إلى جانب الثروات السيادية، ففي الوقت الذي تتراجع فيه حكومات الدول المعتمدة على النفط من الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، فإن مؤسسات الأسهم الخاصة تتدخل وتأخذ دوراً في أنشطة الاستثمارات، وهو ما أدى إلى مزيد من التعاون بين الصناديق.
وقال معالي خلدون المبارك، الرئيس التنفيذي في شركة مبادلة للاستثمار أنه يمكن مقارنة صناديق الثروة السيادية بالنادي. وأضاف "نحن نعمل سوية ونساهم في الاستثمار في صناديق أخرى حول العالم في قطاعات مختلفة من بينها قطاع التكنولوجيا، حيث نعمل كفريق يتمتع بمستوى عال من التنسيق ضمن أهداف مشتركة وشراكات تسودها الثقة، وامتلاك شريك في صندوق ثروة سيادية يجعل التعامل مع جوانب المخاطرة أكثر سهولة".
ومع ذلك ستبقى هنالك حاجة للإستراتيجيات ذات التركيز المحلي طبقاً لرؤية جيفري جيانسوباكجي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشؤون الاستثمار في شركة حكومة سنغافورة للاستثمار، والذي قال "حين يكون هنالك نقص في رأس المال فمن الممكن التعاون على وجه السرعة، لكن تبقى هنالك مخاطر تتعلق باحتمالية أن ينتهي بنا الأمر جميعاً لنفكر بالطريقة ذاتها، مما قد يؤدي إلى تقلب أكبر في أسواق رأس المال".
وتوافق المشاركون في الجلسة على الحاجة إلى وضع معايير وأنظمة دقيقة، ولاسيما في تحديد منهجيات واضحة تتعلق بالتعامل مع المخاطر، بالإضافة إلى وضع هيكلة متينة للحوكمة ومعدلات مستهدفة للعائدات، مع العمل على تحديد القطاعات والامتداد الجغرافي المستهدف.
وقال خالد الرميحي، رئيس مجلس إدارة شركة ممتلكات البحرين القابضة، أن جزء من الاستثمارات يستطيع أن يحقق أهدافاً على مستوى التنمية والعائدات على الاستثمارات في آن معاً، لكن المشاكل تطرأ حين تعمل الأصول المملوكة للدولة في محفظتها الاستثمارية أيضاً على زيادة فرص العمل، فنحن معنيون بجعل الاستثمارات مجدية تجارياً، ولذلك يجب تحديد مؤشرات الأداء شريطة أن تكون واضحة ومستدامة تساعد على تحقيق الجدوى التجارية، وإلا لن يكون ذلك تطويراً حقيقياً للاقتصاد.