٠٣ مايو ٢٠٢٤هـ - ٣ مايو ٢٠٢٤م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين الرياض
المال والأعمال | الأربعاء 11 مايو, 2016 3:59 صباحاً |
مشاركة:

الاستثمار الأجنبي المباشر: هل هو في طريقه للعودة؟

 بحسب مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة لعام 2016 الذي تصدره مؤسسة الاستشارات الاستراتيجية والإدارية العالمية أيه تي كيرني، فإن ثلاثة أرباع الشركات تقريباً تخطط لزيادة استثمارها الأجنبي المباشر خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقد ورد في إصدار هذا العام من المؤشر الذي يحمل عنوان " الاستثمار الأجنبي المباشر: هل هو في طريقه للعودة؟" بأن التباطؤ في نمو التداول وزيادة عدم الوضوح على مستوى الاقتصاد الشامل – وخاصة في الأسواق الناشئة – دفع رؤساء الشركات العالمية إلى التفكير في الاستثمار الأجنبي المباشر كوسيلة لزيادة فرص النمو.

 

وقد تصدرت الولايات المتحدة مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة مرة أخرى للسنة الرابعة على التوالي. كما أبدى رؤساء الشركات العالمية تفاؤلهم أيضاً بتوقعات الاقتصاد الأمريكي أكثر من أي اقتصاد آخر. وقد احتلت الصين المرتبة الثانية في مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة للسنة الرابعة على التوالي أيضاً. إلا أن توقعات المستثمرين الخاصة بالاقتصاد الصيني اتخذت منحى سلبياً بالتأكيد خلال هذا العام حيث يقول رؤساء الشركات أنهم سيخفضون استثمارهم الأجنبي المباشر في الصين إذا ما استمرت تقلبات السوق هناك.

 

قال بول لوديسينا، مؤسس مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة ورئيس مجلس سياسات الأعمال العالمية لدى أيه تي كيرني أن "الولايات المتحدة والصين حافظتا على صدارتيها للمؤشر في مواجهة تغييرات كبيرة حدثت في بيئة العمليات العالمية خلال السنوات الأربع الماضية. وقد لاحظنا على مدار الثمانية عشر عاماً التي قمنا فيها بإجراء هذا التقييم بأن المستثمرين يفضلون الأسواق الكبرى بصفة مستمرة حيث تتوافر فرص اقتصادية قوية".

يقدم مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة نظرة متعمقة عن ميول وتطلعات رؤساء الشركات فيما يتعلق بالاستثمار العالمي. فمنذ تأسيسها عام 1998، عملت هذه الدراسة على توجيه الشركات بشكل موثوق إلى أفضل خيارات الاستثمار الأجنبي المباشر المتاحة لهم إذ تُظهر الدول المصنفة في المؤشر تقاربها مع الوجهات الفعلية التي تتدفق إليها الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

 

وقد أصبح رؤساء الشركات العالمية يستخدمون الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصفة متزايدة لتحفيز فرص النمو على الرغم من التباطؤ السائد للعولمة. فقد قفزت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 36% لتصل إلى ما يُقدر بـ 1.7 ترليون دولار عام 2015 – وهو أعلى مستوى منذ عام 2007 – كما أن الغالبية العظمى من رؤساء الشركات ترى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة سوف تصبح أكثر أهمية لتحقيق الربح المؤسسي والتنافسية في المستقبل القريب. وعليه، فإن ما يزيد عن 70% من الشركات المشاركة في الاستبيان تخطط لزيادة مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة لديها خلال السنوات الثلاث المقبلة. ومن الأسباب المرجحة لذلك هو ارتفاع التوجه نحو الحماية لدى العديد من الدول مما خلق حاجة أكبر للتواجد على المستوى المحلي من أجل ممارسة الأعمال في تلك الأسواق.

 

وقد انقسمت آراء رؤساء الشركات العالمية بتساوٍ تقريباً حول ما إذا كانت تطلعات الاقتصاد العالمي أفضل من العام السابق. وتعتبر هذه التطلعات هي الأقل تفاؤلاً منذ عدة سنوات، مما يبرر على الأرجح سيادة الأسواق المتقدمة لمؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي احتلت المراتب العشرة الأولى في مؤشر هذا العام ونسبة 80% على المستوى الكلي.

 

وقال إيريك بيترسون، العضو المنتدب لمجلس سياسات الأعمال العالمية الذي شارك في إعداد الدراسة "نحن نرى استمرار الهروب إلى بر الأمان الذي توفره الوجهات الرئيسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وليس من الصعب إدراك السبب. فقد دفع عدم الوضوح الذي يلف الفرص الاقتصادية في العديد من الأسواق الناشئة المستثمرين للالتفات إلى الأسواق المتقدمة في أمريكا الشمالية وأوروبا".

 

وقد أظهر استبيان المستثمرين هذا العام أن المخاطر السياسية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد تؤدي إلى خسارة هذين الاقتصادين لبعض من جاذبيتيهما كوجهتين للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وهناك نسبة كبيرة من رؤساء الشركات قالوا إنهم قد يخفضون استثماراتهم الأجنبية المباشرة في الولايات المتحدة إذا ما قام الأمريكيون بانتخاب رئيس (من أقصى اليمين أو أقصى اليسار) في انتخابات نوفمبر المقبل. ومع أن أوروبا ما زالت تمثل وجهة استثمارية رئيسية حيث أن 13 من أصل 25 دولة وردت في مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة العام 2016 هي من دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن احتمال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قد ألقى بظلال ثقيلة على رؤساء الشركات. فإذا ما صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، فسوق يقوم رؤساء الشركات بخفض استثماراتهم الأجنبية المباشرة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ككل. وبالنظر إلى أن أسواق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هي التي تهيمن على مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإن هذا يثير التساؤل حول المكان الذي ستحوّل إليه الشركات استثماراتها إذا ما تحقق هذا السيناريو.

 

وقد شهد رؤساء الأعمال العالميون لعامهم الثاني على التوالي زيادة في تقلبات السياسة الجغرافية، الأمر الذي يعتبرونه الخطر الأكبر في البيئة الخارجية. ويأتي بعد ذلك القلق إزاء عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الأسواق الناشئة، والذي هو في الغالب سبب ضعف أداء الأسواق الناشئة في المؤشر. إلا أن أسعار السلع هي المتغير الحقيقي حيث تساوت نسبة رؤساء الشركات العالميين الذين يتوقعون ارتفاعها مع نسبة من يتوقعون انخفاضها هذا العام.

 

لمحات إقليمية

 

الأمريكيتان: حافظت الولايات المتحدة على صدارتها للعام الرابع على التوالي. وهناك اهتمامات واسعة النطاق للمستثمرين الأجانب في السوق الأمريكي، إلا أن اليابان وكندا والصين هي المصادر الرئيسية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في الولايات المتحدة. وقد تقدمت كندا مرتبة واحدة لتصبح في المرتبة الثالثة في مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة لهذا العام حيث أن الإصلاحات التي طال انتظارها لقانون الاستثمار الكندي والتي تشمل خفض الحد المطلوب لقيام الحكومة بتدقيق صافي امتيازات الاستثمارات الأجنبية في القطاع الخاص قد عملت على تحسين جاذبية كندا كوجهة للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وكانت البرازيل والمكسيك هما الدولتان الوحيدتان من أمريكا اللاتينية اللتان ظهرتا في مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وقد انخفض ترتيبهما بشكل كبير.

 

أوروبا: احتفظت أوروبا بقدر كبير من اهتمام رؤساء الشركات هذا العام، حيث جاءت 13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ضمن أفضل 25 دولة في المؤشر. ويعتبر هذا تراجعاً بسيطاً عن مؤشر العام الماضي إذ بلغت أوروبا ذروتها حيث وردت 15 دولة من دول الاتحاد الأوروبي ضمن المؤشر، ومع ذلك، فإن هذا يدل على أن السوق الأوروبي ما زال جذاباً بالنسبة لرؤساء الشركات العالمية. وبالرغم من فضيحة انبعاثات سيارات فولكسفاجن وتواصل عدم الاستقرار في أوكرانيا وأزمة اللاجئين والهجمات الإرهابية الخطيرة التي حدثت في باريس وبروكسل، يبقى الواقع هو أن الاقتصادات الأوروبية ما زالت تزداد قوة. فقد ارتفعت ألمانيا مرتبة واحدة لتصل إلى المرتبة الرابعة ككل وهي مرتبة الصدارة بالنسبة لأوروبا هذا العام تليها المملكة المتحدة في المركز الخامس. أما فرنسا، فقد جاءت في المركز الثامن وهي الدولة الأوروبية الوحيدة الأخرى التي دخلت ضمن المراتب العشرة الأولى. وكان اهتمام المستثمرين في الاقتصادات الأوروبية هذا العام محصوراً في الأسواق المتقدمة بينما سجلت الأسواق الأوروبية الناشئة غياباً ملحوظاً.

 

آسيا: جاءت الصين في المرتبة الثانية للعام الرابع على التوالي. وما زال هناك قدر كبير من الاهتمام من مختلف القطاعات بالاستثمار في الصين بحسب ما أبداه المشاركون في استبيان مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويمكن أن يتسع هذا الاهتمام أكثر بعد الإعلان الأخير الذي صدر عن مجلس الدولة بخصخصة جزء من الصناعات الأساسية ومن بينها الاتصالات والكهرباء والمعدات العسكرية والنفط والغاز والطيران المدني، الأمر الذي سيفتح الفرص أمام الاستثمار الأجنبي في هذه الصناعات. وما زالت اليابان تتقدم في التصنيف حيث صعدت مرتبة واحدة عما كانت عليه العام الماضي ووصلت إلى المرتبة السادسة – وهي أعلى مرتبة وصلت إليها منذ بداية صدور مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة – كما ارتقت أستراليا ثلاث مراتب لتحتل المرتبة السابعة. وكان أكبر ارتفاع في تصنيف المؤشر ككل لهذا العام من نصيب سنغافورة التي صعدت خمس مراتب. كما ارتفعت الهند مرتبتين في مؤشر الثقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة لعام 2016 ودخلت ضمن المراتب العشرة الأولى بعد انقطاع دام عاماً كاملاً. وإلى جانب ذلك، فإن اثتنين من أصل ثلاث إضافات جديدة للمؤشر هذا العام جاءت من آسيا وهما تايوان وتايلاند. 

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين الرياض
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة